الموسوعة الحديثية


- سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا عن مُتْعَةِ الحَجِّ، فَرَخَّصَ فِيهَا، وَكانَ ابنُ الزُّبَيْرِ يَنْهَى عَنْهَا، فَقالَ: هذِه أُمُّ ابْنِ الزُّبَيْرِ تُحَدِّثُ: أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِيهَا، فَادْخُلُوا عَلَيْهَا فَاسْأَلُوهَا، قالَ: فَدَخَلْنَا عَلَيْهَا، فَإِذَا امْرَأَةٌ ضَخْمَةٌ عَمْيَاءُ، فَقالَتْ: قدْ رَخَّصَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فِيهَا. [وفي رواية]: فَأَمَّا عبدُ الرَّحْمَنِ فَفِي حَديثِهِ المُتْعَةُ، وَلَمْ يَقُلْ: مُتْعَةُ الحَجِّ، وَأَمَّا ابنُ جَعْفَرٍ فَقالَ: قالَ شُعْبَةُ: قالَ مُسْلِمٌ: لا أَدْرِي مُتْعَةُ الحَجِّ، أَوْ مُتْعَةُ النِّسَاءِ.
الراوي : أسماء بنت أبي بكر | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم : 1238 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
التَّمتُّعُ في الحَجِّ هو أنْ يُحرِمَ الحاجُّ بالعُمْرةِ في أشهُرِ الحَجِّ، ثُمَّ يَحِلَّ منها، ثُمَّ يُحرِمَ بالحَجِّ مِن عامِه، فإذا قدِمَ مَكَّةَ في أشهُرِ الحجِّ واعتَمَرَ وانْتَهى مِن عُمرتِه، فله أنْ يَتحلَّلَ مِن إحْرامِه، ويَتمتَّعَ بكلِّ ما هو حَلالٌ حتَّى تَبدأَ مَناسِكُ الحجِّ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التَّابِعيُّ مُسلِمُ بنُ مِخْراقٍ القُرِّيُّ أنَّه سأَلَ عبدَ اللهِ بنَ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما عنِ التَّمتُّعِ بالعُمرةِ إلى الحجِّ، فرخَّصَ فيها، أي: أنَّها مَشْروعةٌ وجائزةٌ، وكان عبدُ اللهِ بنُ الزُّبَيرِ رَضيَ اللهُ عنهما يَنْهى عنِ التَّمتُّعِ، وهذا مِنِ اخْتِلافِهم بحَسَبِ ما وَصلَ لكلِّ واحدٍ مِنهم عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، فقالَ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما: «هذه أمُّ ابنِ الزُّبَيرِ» يقصِدُ أسْماءَ بِنتَ أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنهما، «تُحدِّثُ أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رخَّصَ فيها» وأمَرَهم أنْ يَدخُلوا عليها ويَسْألوها عن حُكمِ مُتعةِ الحجِّ، فأخبَرَ مُسلمُ بنُ مِخْراقٍ القُرِّيُّ أنَّهم لمَّا دَخَلوا عليها وَجَدوها امْرأةً ضَخْمةً، أي: عَظيمةَ الجِسمِ، عَمْياءَ، وكان عَماها في آخِرِ عُمرِها، وأخْبَرَتْهم أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قدْ رخَّصَ فيها، أي: في مُتعةِ الحجِّ، وهو مثلُ ما قال ابنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما.
قال شُعْبةُ بنُ الحجَّاجِ -أحدُ رُواةِ الحديثِ-: قال مُسلمٌ القُرِّيُّ -أي: في إحْدى رِوايَتَيه-: «لا أَدْري مُتعةَ الحجِّ أو مُتعةَ النِّساءِ»، أي: أنَّه يقصِدُ المُتعةَ المذكورةَ في الحَديثِ، يُرادُ بها مُتعةُ الحجِّ أمْ مُتعةُ النِّساءِ؟ والأَرجَحُ أنَّ المُتعةَ المَذْكورةَ الَّتي رخَّصَ فيها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هيَ مُتعةُ الحجِّ؛ لأنَّها مِن رِوايةِ رَوحِ بنِ عُبادةَ عن شُعبةَ، وهوَ أحفَظُ مِن غيرِه، والمَقْصودُ بمُتعةِ النِّساءِ زَواجُ المَرْأةِ لمُدَّةٍ مُعيَّنةٍ بلَفظِ التَّمتُّعِ على قَدْرٍ منَ المالِ، وقدْ كان هذا الزَّواجُ مُباحًا أوَّلَ الأمْرِ، ثمَّ نَهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عنه مِن يومِ خَيْبرَ إلى يومِ القِيامةِ.