الموسوعة الحديثية


- خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ النَّاقَةَ، وَذَكَرَ الذي عَقَرَهَا، فَقالَ: إذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا: انْبَعَثَ بهَا رَجُلٌ عَزِيزٌ عَارِمٌ مَنِيعٌ في رَهْطِهِ، مِثْلُ أَبِي زَمْعَةَ. ثُمَّ ذَكَرَ النِّسَاءَ فَوَعَظَ فِيهِنَّ، ثُمَّ قالَ: إلَامَ يَجْلِدُ أَحَدُكُمُ امْرَأَتَهُ؟ (فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ: جَلْدَ الأمَةِ وفي رِوَايَةِ أَبِي كُرَيْبٍ: جَلْدَ العَبْدِ)، وَلَعَلَّهُ يُضَاجِعُهَا مِن آخِرِ يَومِهِ. ثُمَّ وَعَظَهُمْ في ضَحِكِهِمْ مِنَ الضَّرْطَةِ فَقالَ: إلَامَ يَضْحَكُ أَحَدُكُمْ ممَّا يَفْعَلُ؟
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عبدالله بن زمعة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم : 2855
| التخريج : أخرجه البخاري (4942) واللفظ له، والترمذي (3343) باختلاف يسير.
التصنيف الموضوعي: تفسير آيات - سورة الشمس نكاح - ضرب النساء نكاح - عشرة النساء إيمان - ما جاء عن الأمم السابقة قبل الإسلام جمعة - خطبة النبي صلى الله عليه وسلم
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث
لمَّا أرسل اللهُ تعالى نبيَّه صالِحًا عليه السَّلامُ إلى ثمودَ يدعوهم إلى عبادةِ اللهِ تعالى وتَرْكِ الشِّركِ والأوثانِ، كذَّبوه ولم يؤمنوا وطلبوا منه أن يأتيَهم بآيةٍ تدُلُّ على نبُوَّتِه، واقترحوا أن يخرِجَ لهم من صَخرةٍ صَمَّاءَ ناقةً، فأيَّده اللهُ بذلك، فكانت النَّاقةُ تشرَبُ في يومٍ معلومٍ كُلَّ الماءِ، واليومُ الآخَرُ لهم، وحذَّرهم نبيُّهم من أن يمسُّوها بسوءٍ، فلمَّا ضاق بهم الأمرُ انتدَب تِسعةُ رَهطٍ منهم مفسِدون في الأرضِ لعَقْرِها. وقد خطَب نبيُّنا محمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أصحابَه ذاتَ يومٍ وذكَر ناقةَ صالحٍ وبيَّن أنَّه باشَرَ أشقاهم، ويقالُ: اسمُه قُدارُ بنُ سالفٍ، يوصَفُ بأنَّه رجُلٌ عزيزٌ، أي: قليلُ المثَلِ، عارِمٌ، أي: شِرِّيرٌ خَبيثٌ مُفسِدٌ، ومنيعٌ في رهطِه، أي: قومُه يمنعونه من الضَّيمِ، شَبَّهه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأبي زمعةَ، وهو الأسوَدُ بنُ المُطَّلِبِ بنِ أسَدِ بنِ عبدِ العُزَّى، وكان أحَدَ المستهزئين بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ومات على كُفرِه بمكَّةَ، فانبعث أشقى القومِ وعَقَر النَّاقةَ بأن ضرَب قوائِمَها بالسَّيِف فقَطَعَها!
ثمَّ ذكَر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أدبًا من آدابِ الإسلامِ يتعلَّقُ بمعاملةِ النِّساءِ، فنهى عن ضَربِ الرَّجُلِ لزَوجتِه الضَّربَ الشَّديدَ كضَربِه لأمَتِه أو عَبدِه، وإن كان مأذونًا له في تأديبِها التَّأديبَ الشَّرعيَّ، لكنْ بشرطِ أن يكونَ الضَّربُ غيرَ مُبرِّحٍ، ويكونَ بعدَ الوعظِ والهَجرِ في المضاجِعِ، أمَّا الضَّربُ الشَّديدُ فهذا ممَّا يؤدِّي إلى النُّفرةِ بين الزَّوجينِ، إذ كيف يضربُها ثَّم بعدَ ذلك يريدُ أن يعانِقَها -أي: يضاجِعَها ويجامِعَها في آخِرِ اليومِ- وذلك أنَّ المضاجعةَ والمجامعةَ إنَّما تُستحسَنُ مع مَيلِ النَّفسِ والرَّغبةِ في العِشرةِ، والمضروبُ غالبًا ينفِرُ من ضاربِه، بخلافِ التَّأديبِ المستحسَنِ؛ فإنَّه لا يُنفِّرُ الطِّباعَ، ولا ريبَ أنَّ عَدَمَ الضَّربِ والعفوَ والسَّماحةَ أشرَفُ من ذلك؛ تأسيًا بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فما ضرب رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم امرأةً له، ولا خادمًا قطُّ، ولا ضرب بيَدِه قطُّ إلَّا في سبيلِ اللهِ، أو أن تُنتَهَكَ محارِمُ اللهِ فينتَقِمَ للهِ.
ثمَّ وعظ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أصحابَه وأرشدهم إلى أدَبٍ آخَرَ، وهو عَدَمُ ضَحِكِ الشَّخصِ ممَّا يخرُجُ مِن ضُراطِ أخيه؛ لأنَّه قد يكونُ بغيرِ اختيارِه، ولأنَّه أمرٌ مُشتَرَكٌ بينَ الكُلِّ، ومن المعيبِ أن يضحكَ أحدٌ من غيرِه بما يأتي هو بمِثلِه، فلا يحِلُّ السُّخريةُ بأحدٍ.
وفي الحديثِ: تفسيرُ قَولِه تعالى {إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا} [الشمس: 12] .
وفيه: النَّهيُ عن ضَربِ الأهلِ الضَّربَ الشَّديدَ.
وفيه: الرِّفقُ بالنِّساءِ، وحُسنُ الأدَبِ والمعاشَرةُ.
وفيه: عَدَمُ السُّخريةِ بالآخَرين ممَّا قد يقَعُ منهم.
وفيه: النَّهيُ عن الضَّحِكِ من الضَّرطةِ يسمَعُها من غيرِه، بل ينبغي أن يتغافَلَ عنها ويستَمِرَّ في حديثِه واشتغالِه بما كان فيه من غيرِ التفاتٍ ولا غيرِه، ويُظهِرَ أنَّه لم يسمَعْ.
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها