الموسوعة الحديثية


- أتَيْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقُلْتُ: يا رسولَ اللهِ إنَّا قومٌ مِن أهلِ الباديةِ فعلِّمْنا شيئًا ينفَعُنا اللهُ به فقال: ( لا تحقِرَنَّ مِن المعروفِ شيئًا ولو أنْ تُفرِغَ مِن دَلوِك في إناءِ المُستسقي ولو أنْ تُكلِّمَ أخاك ووجهُك إليه مُنبسِطٌ وإيَّاك وإسبالَ الإزارِ فإنَّه مِن المَخِيلةِ ولا يُحِبُّها اللهُ وإنِ امرؤٌ شتَمك بما يعلَمُ فيك فلا تشتُمْه بما تعلَمُ فيه فإنَّ أجرَه لك ووبالَه على مَن قاله )
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عقيل بن طلحة
الراوي : أبو جري الهجيمي | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان | الصفحة أو الرقم : 522
| التخريج : أخرجه أحمد (20633)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (9616)، والطبراني (7/63) (6383) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: آفات اللسان - السباب رقائق وزهد - حفظ الجوارح زينة اللباس - جر الثوب للخيلاء زينة اللباس - حكم إسبال القميص والكم والإزار وطرف العمامة صدقة - الحث على المعروف وإعانة الملهوف وإغاثته
|أصول الحديث
كان الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهُم مِن أحرَصِ النَّاسِ على الخَيرِ، وأشَدِّهِمُ انصِياعًا لأمْرِ اللهِ تعالى، وأمْرِ رَسولِهِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ جابِرُ بنُ سُلَيمٍ الهُجَيميُّ رضِيَ اللهُ عنه: "أتيتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو مُحتَبٍ بشَمْلةٍ له"، والاحْتِباءُ بالثَّوبِ ونَحوِهِ: هو أنْ يَضُمَّ الإنسانُ رِجلَيْهِ إلى بَطنِهِ بثَوبٍ، ويَجمَعَهما مع ظَهْرِهِ، ويَشُدَّ الثَّوبَ عليه، وقد يكونُ الاحتِباءُ باليَدَينِ عِوَضًا عن الثَّوبِ، والشَّمْلةُ: نَوعٌ من الثِّيابِ يَكسي الجَسَدَ كُلَّه، "وقد وقَعَ هُدبُها" وهي أطْرافُها، "على قَدَميهِ" يَعني أنَّ الثَّوبَ كان يُغطِّي كُلَّ جَسَدِهِ حتى نزَلَ إلى قَدَميهِ؛ لِيكونَ ذلِكَ أستَرَ له "فقُلتُ: أيُّكُم مُحمَّدٌ؟ -أو رَسولُ اللهِ؟- فأومَأَ بيَدِهِ إلى نَفسِهِ" أشارَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على نَفسِهِ لِيظهَرَ له، "فقُلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنِّي من أهْلِ الباديةِ" من ساكِني الصَّحْراءِ، "وفيَّ جَفاؤُهُم" بمَعْنى: أنَّ فيه من طِباعِ الشِّدَّةِ والغِلْظةِ التي يتَّسِمُ بها أهْلُ الصَّحْراءِ، ويُقالُ عليهم: الأعْرابُ، "فأَوْصِني" يَطلُبُ من النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ النَّصيحةَ التي تَضبِطُ له نَفسَهُ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "لا تَحقِرَنَّ من المَعْروفِ شَيئًا" لا تَسْتصغِرْ مِن عَمَلِ الخَيرِ شيئًا، "ولو أنْ تَلْقى أخاكَ، ووَجهُكَ مُنبَسِطٌ"، وإنْ كان مِن هذا المَعْروفِ أنْ تَبْتَسِمَ في وَجْهِ أخيكَ المسلِمِ إذا لاقَيتَهُ، "ولو أنْ تُفرِغَ من دَلْوِكَ في إناءِ المُسْتَسْقي"، وإذا استقيتَ الماءَ من بِئرٍ، وجاءَك أخٌ مُسلِمٌ على رأْسِ البئْرِ، تُعْطيهِ من مائِكَ، فهَذا العَمَلُ من البِرِّ والمَعْروفِ "وإنِ امْرُؤٌ شَتَمَكَ بما يَعلَمُ فيك" فعابَكَ بما يَعْلَمُه فيكَ من عُيوبٍ، وهذا أدْعى لأنْ يَحفِزَ الإنسانَ أنْ يرُدَّ على مَن عابَهُ بالشَّتمِ والسَّبِّ، "فلا تَشتُمْهُ بما تَعلَمُ فيه"، فلا يَحمِلُكَ ذاك على أنْ تَعيبَهُ بِمِثْلِ ما عابَكَ؛ "فإنَّه يكونُ لك أجْرُهُ، وعليه وِزْرُهُ" بمَعْنى: يَكتُبُ اللهُ عزَّ وجلَّ لك أجْرًا على تَركِ الرَّدِّ ومُعايَبَتِهِ، ويَتحمَّلُ هو الإثْمَ وَحْدَهُ، "وإيَّاك وإسْبالَ الإزارِ"، وهذا تَحْذيرٌ من نُزولِ الثَّوبِ إلى ما بَعْدَ الكَعبَينِ، "فإنَّ إسْبالَ الإزارِ من المَخيلةِ" من الخُيَلاءِ والكِبْرِ، "وإنَّ اللهَ لا يُحِبُّ المَخيلةَ"، ولا يُحِبُّ من عِبادِهِ إظْهارَ التَّكبُّرِ، ومُحصِّلُهُ أنَّ بُغضَ اللهِ للعَبدِ يَستوجِبُ العِقابَ، "ولا تَسُبَّنّ أحَدًا" وهذا نهْيٌ عامٌّ عن السَّبِّ والشَّتمِ. قال جابِرٌ رضِيَ اللهُ عنه: "فما سَبَبتُ بعدَه أحدًا، ولا شاةً، ولا بَعيرًا" بَيانٌ لكَمالِ استِجابَتِهِ لِوصيَّةِ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فلم يَشتُمْ، ولم يسُبَّ إنسانًا يعقِلُ، ولا حَيَوانًا لا يَعقِلُ.
وفي الحَديثِ: الحَثُّ على بَذْلِ الإحسانِ، وبَذْلِ المعروفِ مهما كان صغيرًا.
وفيه: أنَّ الإنسانَ يَطلُبُ الاستِرْشادَ والنُّصحَ فيما يقومُ عليه أخلاقُهُ وطِباعُهُ( ).
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها