الموسوعة الحديثية


- يا رسولَ اللَّهِ إلامَ تدعو قالَ أدعو إلى اللَّهِ وحدَهُ الَّذي إن مسَّكَ ضرٌّ فدعوتَهُ كشفَ عنكَ والَّذي إن ضللتَ بأرضٍ قفرٍ دعوتَهُ ردَّ عليكَ والَّذي إن أصابتْكَ سَنةٌ فدعوتَهُ أنبتَ عليكَ قالَ قلتُ فأوصِني قالَ لا تسبَّنَّ أحدًا ولا تزهدنَّ في المعروفِ ولو أن تلقى أخاكَ وأنتَ منبسِطٌ إليهِ وجهكَ ولو أن تُفرِغَ من دلوِكَ في إناءِ المستسقي وائتزِر إلى نصفِ السَّاقِ فإن أبيتَ فإلى الكعبينِ وإيَّاكَ وإسبالَ الإزارِ فإنَّ إسبالَ الإزارِ منَ المخْيَلةِ وإنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى لا يحبُّ المخْيَلةَ.
خلاصة حكم المحدث : صحيح
الراوي : رجل من بلهجيم | المحدث : الوادعي | المصدر : الصحيح المسند | الصفحة أو الرقم : 1490
التصنيف الموضوعي: إيمان - دعوة الكافر إلى الإسلام إيمان - عظمة الله وصفاته رقائق وزهد - الوصايا النافعة زينة اللباس - حكم إسبال القميص والكم والإزار وطرف العمامة صدقة - الحث على المعروف وإعانة الملهوف وإغاثته
علَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ التَّوحيدَ وإخلاصَ العِبادةِ للهِ وحْدَه، كما علَّمَنا حُسْنَ الخُلقِ، وأمَرَنا به، ونَهانا عن كلِّ مَعصيةٍ وإثْمٍ، وأرْشَدَنا إلى ما فيه صَلاحُ الدُّنيا والآخِرةِ.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي أبو تَميمةَ الهُجَيميُّ، عن رجلٍ مِن بَلْهُجَيمٍ، قِيل: اسْمُه جابرُ بنُ سُلَيمٍ الهُجَيميُّ، قال: "قلْتُ: يا رسولَ اللهِ، إلامَ تَدْعو؟" ما حَقيقةُ دَعوتِك؟ "قال: أدْعو إلى اللهِ وَحْدَه"، أي: إخلاصِ كاملِ العُبوديَّةِ للهِ عزَّ وجلَّ وطَرْحِ الشِّركِ، "الذي إنْ مسَّكَ ضُرٌّ فدَعَوتَه، كشَفَ عنكَ"؛ فهو القادرُ على كَشْفِ الضُّرِّ عن عِبادِه، والتَّوجُّهُ إليه فِطرةٌ وجِبلَّةٌ عندَ كلِّ إنسانٍ، حتى المُشرِكِ، "والذي إنْ ضَلَلتَ" وتُهْتَ وفقَدْتَ الطَّريقَ، "بأرضٍ قَفرٍ"، أي: صَحراءَ "دَعوتَه، رَدَّ عليك" فهَداك إلى الطَّريقِ الصَّحيحِ، "والذي إنْ أصابَتْك سَنَةٌ" بالجَفافِ والفَقرِ، وعَدَمِ نُزولِ المَطَرِ، "فدَعَوتَه، أنْبَتَ عليك" بإنزالِه المطَرَ، فيَنبُتُ النَّباتُ، وتَحيا الناسُ والدَّوابُّ.
"قال: قلْتُ: فأَوصِني"، أي: أعْطِني نَصيحةً تَنفَعُني، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "لا تَسُبَّنَّ أحدًا" وهذا نَهْيٌ عن الشَّتْمِ والإساءةِ إلى الناسِ بقَبيحِ الألفاظِ، "ولا تَزْهدَنَّ في المعروفِ" فلا تَشْعُرْ بقِلَّةِ ودُونيَّةِ أيِّ عَملٍ مَعروفٍ، والمعروفُ هو ما تَقبَلُه الأنفُسُ، ولا تَجِدُ منه نَكيرًا؛ مِن كلِّ عَملٍ صالحٍ، فهو صَدقةٌ على فاعِلِه، وله أجْرُه، "ولو أنْ تَلْقى أخاك وأنت مُنبسِطٌ إليه وَجْهُك"، أي: بوَجهٍ بَشوشٍ مُتبسِّمٍ، والمرادُ بالأخِ هنا: أُخوَّةُ الإسلامِ لا النَّسبِ، "ولو أنْ تُفرِغَ مِن دَلْوِك في إناءِ المُسْتسقي" فإذا استَقَيْتَ الماءَ مِن بِئرٍ، وجاءك مُسلمٌ على رأْسِ البئرِ، فأعْطِهِ مِن مائك الذي أخرَجْتَه لِنَفْسِك. "وائتَزِرْ إلى نِصفِ الساقِ"، أي: اجْعَلْ إزارَك قَصيرًا حتَّى تُحاذِيَ به نِصْفَ السَّاقِ، والإزارُ: الثَّوبُ الَّذي يُغطِّي الجُزْءَ السُّفليَّ مِن الجِسْمِ، ومِثْلُه القَميصُ، "فإنْ أبَيتَ" فلمْ تَقْدِرْ ولم تَرغَبْ في ذلك، "فإلى الكَعبَينِ"؛ فيَكونُ الإزارُ إلى ما فَوقَ الكعبَينِ، "وإيَّاكَ وإسبالَ الإزارِ" أي: احذَرْ إنزالَ الثَّوبِ إلى ما بَعْدَ الكعبَينِ؛ "فإنَّ إسبالَ الإزارِ مِن المَخِيلةِ"، أي: مِن الخُيلاءِ والكِبْرِ، "وإنَّ اللهَ تَبارك وتَعالَى لا يُحِبُّ المَخِيلةَ"؛ لأنَّ المُتكبِّرَ يُنازِعُ اللهَ في صِفةٍ مِن صِفاتِه سُبحانَه.
وفي الحديثِ: الحثُّ على فِعلِ المعروفِ قليلًا كانَ أو كثيرًا، بالمالِ، أوِ الخُلُقِ الحَسنِ.
وفيه: أنَّ مِن أساليبِ الدَّعوةِ الحَكيمةِ بَسْطَ الوَجْهِ للنَّاسِ.
وفيه: بَيانُ ما يَزِيدُ المَحبَّةَ بيْن المؤمنينَ .
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها