فرَضَ اللهُ الصَّلاةَ وشَرَعَ لها الطَّهارةَ قَبلَها، بأن يَكونَ المُصَلِّي طاهرَ البَدَنِ والثِّيابِ والمَكانِ مِنَ النَّجاسةِ، فلا تَصِحُّ صَلاةُ مَن عليه نَجاسةٌ في بَدَنِه أو ثيابِه، وإذا لَم يَعلَمِ المُصَلِّي بالنَّجاسةِ على ثيابِه إلَّا أثناءَ الصَّلاةِ، فلَه أن يُزيلَها ويواصِلَ صَلاتَه، وقد صَلَّى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالصَّحابةِ، وفي أثناءِ الصَّلاةِ خَلع نَعلَيه فخَلَعَ الصَّحابةُ نِعالَهم، وبَعدَ الصَّلاةِ سَألَهم: لماذا خَلَعتُم نِعالَكُم؟ فقالوا: رَأيناك خَلَعتَ فخَلَعْنا. فبَيَّنَ لَهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سَبَبَ خَلعِه لنَعلَيه فقال: إنَّ جِبريلَ أتاني، فأخبَرَني أنَّ بهما، أي: النَّعلَينِ، خَبَثًا. والخَبَثُ: كُلُّ شَيءٍ مُستَخبَثٍ، والمُرادُ به هنا النَّجَسُ. ثُمَّ أرشَدَهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كَيف يَصنَعونَ بنِعالهم إذا ذَهَبوا إلى المَسجِدِ، فقال: فإذا جاءَ أحَدُكُمُ المَسجِدَ فليَقلِبْ نَعلَيه وليَنظُرْ فيهما فإن رَأى خَبَثًا، أي: قَذارةً أو نَجاسةً، فليَمسَحْه بالأرضِ، أي: يَدلُكُ نَعلَيه بالتُّرابِ حَتَّى يُذهِبَ الخَبَثَ الذي فيهما، ثُمَّ ليُصَلِّ فيهما، أي: أنَّ فِعلَه ذلك مُطَهِّرٌ لنَعلَيه.
وفي الحَديثِ مَشروعيَّةُ إزالةِ المُصَلِّي للنَّجاسةِ وهو يُصَلِّي.
وفيه مَشروعيَّةُ تَكليمِ المُصَلِّي وإعلامِه بما يَتَعَلَّقُ بمَصالحِ الصَّلاةِ، كما كان مِن جِبريلَ عليه السَّلامُ.
وفيه عَدَمُ تَأخيرِ البَيانِ عن وَقتِ الحاجةِ.
وفيه أنَّ الصَّلاةَ لا تَبطُلُ بحُدوثِ النَّجاسةِ فيها.
وفيه أنَّ المُصَلِّيَ إذا عَلمَ بالنَّجاسةِ أثناءَ الصَّلاةِ فيُزيلُها ويُتِمُّ صَلاتَه.
وفيه شِدَّةُ اقتِداءِ الصَّحابةِ بالنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.
وفيه أنَّ النَّعلَ إذا أصابَته نَجاسةٌ يُطَهَّرُ بدَلكِه بالأرضِ.
وفيه مَشروعيَّةُ الصَّلاةِ بالنِّعالِ .