الموسوعة الحديثية


- لمَّا حضَرَتْ خالدًا الوَفاةُ، قال: لقد طلَبتُ القَتلَ مَظانَّه، فلمْ يُقدَّرْ لي إلَّا أنْ أموتَ على فِراشي، وما مِن عَملي شيءٌ أرْجى عندي بعدَ التَّوحيدِ مِن لَيلةٍ بِتُّها وأنا مُتَترِّسٌ، والسَّماءُ  تُهِلُّني، نَنتظِرُ الصُّبحَ حتى نُغيرَ على الكفَّارِ. ثُمَّ قال: إذا مِتُّ، فانظُروا إلى سِلاحي وفَرَسي، فاجعَلوه عُدَّةً في سَبيلِ اللهِ. فلمَّا تُوُفِّيَ، خرَجَ عُمَرُ على جِنازَتِه، فذكَرَ قَولَه: ما على آلِ الوَليدِ أنْ يَسفَحنَ على خالدٍ مِن دُموعِهنَّ، ما لم يَكُنْ نَقْعًا أو لَقلَقةً.
خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن.
الراوي : أبو وائل | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج سير أعلام النبلاء | الصفحة أو الرقم : 1/381
التصنيف الموضوعي: مناقب وفضائل - خالد بن الوليد مناقب وفضائل - فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جنائز وموت - الزجر عن النياحة مناقب وفضائل - فضائل جمع من الصحابة والتابعين
| أحاديث مشابهة
جيلُ الصَّحابةِ خَيرُ القُرونِ، وهم أيضًا خَيرُ هذه الأمَّةِ، أثنى اللهُ تعالى عليهم، ومَدَحَهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وبَيَّنَ فضلَهم في أحاديثَ كَثيرةٍ؛ وذلك لِما قاموا به من نُصرةِ هذا الدِّينِ والجِهادِ في سَبيلِ اللهِ تعالى، ومِن خيرةِ أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خالِدُ بنُ الوليدِ رَضيَ اللهُ عنه، كان أحَدَ أشرافِ قُرَيشٍ في الجاهليَّةِ، وشَهِدَ مَعَ كُفَّارِ قُرَيشٍ الحُروبَ إلى عُمرةِ الحُدَيبيَةِ، ثُمَّ أسلَمَ في سَنةِ سَبعٍ بَعدَ خَيبَرَ، وقيلَ قَبلَها، وشَهدَ مَعَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فتَحَ مَكَّةَ وما بَعدَها، ولَقَّبَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بسَيفِ اللهِ، وخاضَ كَثيرًا مِنَ المَعارِكِ وانتَصَرَ فيها وكان يَحرِصُ ويَتَمَنَّى أن يَموتَ مُجاهدًا شَهيدًا، ولَكِنَّ ذلك لَم يَحصُلْ له وماتَ على فِراشِه، وعِندَما حَضَرَته الوفاةُ، أي: وقتُ الاحتِضارِ، قال: لَقد طَلَبتُ القَتلَ مَظانَّه. جَمعُ مَظِنَّةٍ، وهيَ مَوضِعُ الشَّيءِ ومَعدِنُه، والمَعنى: أنِّي طَلَبتُ المَوتَ في مَواطِنِه التي يُرجى فيها، يَقصِدُ الجِهادَ في سَبيلِ اللهِ لشِدَّةِ رَغبَتِه وحُبِّه للشَّهادةِ، فلَم يُقَدَّرْ لي إلَّا أن أموتَ على فِراشي، أي: لَم يُكتَبْ لي أن أموتَ مُجاهِدًا، بل أموتُ على فِراشي، وما مِن عَمَلي شَيءٌ أرجى عِندي، أي: أفضَلُ وأحسَنُ، وأرجو به جَزيلَ الثَّوابِ، بَعدَ التَّوحيدِ، أي: بَعدَ الإيمانِ باللهِ تعالى وتَوحيدِه، مِن لَيلةٍ بِتُّها وأنا مُتَتَرِّسٌ، أي: مُتَحَصِّنٌ بتُرسي، والتُّرسُ هو الذي يَتَّقي به المُقاتِلُ في المَعرَكةِ، والسَّماءُ تُهِلُّني، أي: تُمطِرُني، ونَحنُ نَنتَظِرُ الصُّبحَ حتَّى نُغيرَ، أي: نَهجُمَ سَريعًا على الكُفَّارِ. ثُمَّ قال: إذا مُتُّ فانظُروا إلى سِلاحي وفرَسي، فاجعَلوه عُدَّةً في سَبيلِ اللهِ، أي: خُذوا سِلاحي وفرَسي وضَعوها في العَتادِ للمُجاهِدينَ في سَبيلِ اللهِ حتَّى يَستَعينوا بها في الجِهادِ. ثُمَّ تُوُفِّيَ رَضِيَ اللهُ عنه، وكانت وفاتُه بالشَّامِ سَنةَ إحدى وعِشرينَ للهِجرةِ في زَمَنِ خِلافة أميرِ المُؤمِنينَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه، ولمَّا توفِّيَ بَكى عليه نِسوةٌ مِن بَني المُغيرةِ؛ بَناتُ عَمِّ خالدٍ، فارتَفعَت أصواتُهنَّ في البُكاءِ، فأنكَرَ عليهنَّ بَعضُ الصَّحابةِ، وأرسَلوا إلى عُمَرَ بأن يَنهاهنَّ عن ذلك، كما جاءَ في رِوايةٍ أُخرى، فخَرَجَ عُمَرُ على جِنازَتِه فذَكَرَ قَولَه، أي: ذَكَر الرَّاوي ما قال عُمَرُ في ذلك، وهو: ما على آلِ الوليدِ أن يَسفَحنَ على خالدٍ مِن دُموعِهنَّ! أي: ليس على أهلِ بَيتِ خالِدٍ وأقرِبائِه حَرَجٌ في أن يَبكوا وأن تُصَبَّ وتَسيلَ مِنهمُ الدُّموعُ، ولَكِن ما لَم يَكُنْ نَقعًا. وهو وَضعُ التُّرابِ فوقَ الرَّأسِ، أو لقَلقةً. وهو الصَّوتُ المُرتَفِعُ. والمَعنى: أنَّه نَهى عنِ الصِّياحِ والجَلَبةِ عِندَ المَوتِ؛ لأنَّ ذلك مِنَ النِّياحةِ المَنهيِّ عنها.
وفي الحَديثِ فَضلُ خالِدِ بنِ الوليدِ رَضِيَ اللهُ عنه.
وفيه أنَّ التَّوحيدَ مِن أفضَلِ الأعمالِ، ولا يُقدَّمُ عليه شَيءٌ.
وفيه فضلُ الجِهادِ في سَبيلِ اللهِ تعالى.
وفيه فضلُ جَعلِ الوصيَّةِ في الجِهادِ في سَبيلِ اللهِ تعالى.
وفيه مَشروعيَّةُ البُكاءِ على المَيِّتِ.
وفيه النَّهيُ عنِ النِّياحةِ إذا كان برَفعِ الصَّوتِ أو وَضعِ تُرابٍ على الرَّأسِ .
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها