مِن عَقيدةِ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ إثباتُ الأسماءِ والصِّفاتِ للهِ تعالى مِن غَيرِ تَعطيلٍ ولا تَكييفٍ، ومِن ذلك صِفةُ الضَّحِكِ؛ فاللَّهُ تعالى يضحَكُ ضَحِكًا يَليقُ بجَلالِه، لا يُشبِهُ ضَحِكَ المَخلوقينَ، وهناكَ أعمالٌ يَضحَكُ اللهُ مِن أصحابِها، ومِن ذلك ما ذَكَرَه عَبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه، فقال: يَضحَكُ اللهُ إلى رَجُلَينِ؛ رَجُلٌ لَقيَ العَدوَّ وهو على فرَسٍ مِن أمثَلِ، أي: مِن أحسَنِ وأشرَفِ خَيلِ أصحابِه، فانهَزَموا، وثَبَتَ هذا الرَّجُلُ يُقاتِلُ العَدوَّ، فإن قُتِل استُشهدَ، أي: فهو شَهيدٌ، وإن بَقيَ فذاكَ الذي يَضحَكُ اللهُ إليه. ورَجُلٌ قامَ في جَوفِ اللَّيلِ لا يَعلَمُ به أحَدٌ، أي: حِرصًا مِنه على إخفاءِ العَمَلِ للهِ تعالى، فتَوضَّأ فأسبَغَ الوُضوءَ، أي: تَوضَّأ وضوءًا تامًّا أتى فيه بالواجِباتِ والمُستَحَبَّاتِ، ثُمَّ بَعدَ ذلك حَمِدَ اللهَ ومَجَّدَه، أي: أثنى على اللهِ سُبحانَه، وصَلَّى على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، واستَفتَحَ القُرآنَ، أي: أنَّه قامَ يَقرَأُ القُرآنَ، ولَعَلَّه قامَ يُصَلِّي فقَرَأ القُرآنَ في الصَّلاةِ، فذاكَ الذي يَضحَكُ اللهُ إليه، يَقولُ اللهُ لمَلائِكَتِه: انظُروا إلى عَبدي قائِمًا لا يَراه أحَدٌ غَيري!
وفي الحَديثِ إثباتُ صِفةِ الضَّحِكِ للهِ تعالى.
وفيه بَيانُ الأعمالِ التي يَضحَكُ اللهُ مِن أصحابِها.
وفيه فَضلُ الجِهادِ والثَّباتِ أمامَ العَدوِّ.
وفيه فَضلُ قيامِ اللَّيلِ.
وفيه أهَمِّيَّةُ إخفاءِ العَمَلِ.
وفيه ثَناءُ اللهِ تعالى على مَن عَمِلَ عَمَلًا لا يَراه إلَّا اللهُ.
وفيه مَشروعيَّةُ الثَّناءِ على اللهِ تعالى قَبلَ قيامِ اللَّيلِ.
وفيه مَشروعيَّةُ الصَّلاةِ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا قامَ الرَّجُلُ مِن نَومِ اللَّيلِ .