الموسوعة الحديثية


- لمَّا أسلَم عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رضِي اللهُ عنه لَمْ تعلَمْ قُرَيشٌ بإسلامِه فقال : أيُّ أهلِ مكَّةَ أنشَأُ للحديثِ ؟ فقالوا : جميلُ بنُ مَعمَرٍ الجُمَحيُّ فخرَج إليه وأنا معه أتبَعُ أثَرَه أعقِلُ ما أرى وأسمَعُ فأتاه فقال : يا جميلُ إنِّي قد أسلَمْتُ قال : فواللهِ ما ردَّ عليه كلمةً حتَّى قام عامدًا إلى المسجدِ فنادى أنديةَ قُرَيشٍ فقال : يا معشرَ قُرَيشٍ إنَّ ابنَ الخطَّابِ قد صبَأ فقال عُمَرُ : كذَب ولكنِّي أسلَمْتُ وآمَنْتُ باللهِ وصدَّقْتُ رسولَه فثاوَرُوه فقاتَلهم حتَّى ركَدَتِ الشَّمسُ على رؤوسِهم حتَّى فتَر عُمَرُ وجلَس فقاموا على رأسِه فقال عُمَرُ : افعَلوا ما بدا لكم فواللهِ لو كنَّا ثلاثَمئةِ رجُلٍ لقد ترَكْتُموها لنا أو ترَكْناها لكم فبَيْنما هم كذلك قيامٌ عليه إذ جاء رجُلٌ عليه حُلَّةُ حريرٍ وقميصٌ قَومَسِيٌّ فقال : ما بالُكم ؟ فقالوا : إنَّ ابنَ الخطَّابِ قد صبَأ قال : فمَهْ ؟ امرؤٌ اختار دِينًا لنفسِه أفتظُنُّونَ أنَّ بني عَديٍّ تُسلِمُ إليكم صاحبَهم ؟ قال : فكأنَّما كانوا ثوبًا انكشَف عنه فقُلْتُ له بعدُ بالمدينةِ : يا أبتِ مَن الرَّجُلُ الَّذي ردَّ عنكَ القومَ يومَئذٍ ؟ فقال : با بُنيَّ ذاك العاصُ بنُ وائلٍ
خلاصة حكم المحدث : إسناده قوي
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان | الصفحة أو الرقم : 6879
| التخريج : أخرجه البزار (156)، والحاكم (4493)، والضياء في ((الأحاديث المختارة)) (226) مختصراً باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: مناقب وفضائل - عمر بن الخطاب مناقب وفضائل - فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مناقب وفضائل - فضائل جمع من الصحابة والتابعين
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث
جيلُ الصَّحابةِ خَيرُ القُرونِ، وهم أيضًا خَيرُ هذه الأُمَّةِ، أثنى اللهُ تَعالى عليهم، ومَدَحَهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وبَيَّنَ فضلَهم في أحاديثَ كَثيرةٍ، وذلك لِما قاموا به مِن نُصرةِ هذا الدِّينِ والجِهادِ في سَبيلِ اللهِ تَعالى، ومِن خيرةِ أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الصَّحابيُّ الجَليلُ أميرُ المُؤمِنينَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه، وكان قَبلَ الإسلامِ شَديدًا على المُسلِمينَ، ثُمَّ أسلمَ، فكان إسلامُه فتحًا على المُسلمينَ، وفرَجًا لَهم مِنَ الضِّيقِ، يَقولُ عَبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه: ما عَبَدْنا اللَّهَ جَهرةً حَتَّى أسلَم عُمَرُ! ومِن قِصَّةِ إسلامِ عُمَرَ، يَقولُ ابنُه عَبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ: إنَّه لمَّا أسلَمَ عُمَرُ رَضيَ اللهُ عنه لَم تَعلَمْ قُرَيشٌ بإسلامِه، وكان يُريدُ أن يَجهَرَ بإسلامِه ويُبَيِّنَ لَهم أنَّه قد أسلَمَ، فقال: أيُّ أهلِ مَكَّةَ أنشَأُ للحَديثِ؟ أي: أنْقَلُ له فيُعلِنُه ويَنشُرُه للنَّاسِ، وجاءَ في رِوايةٍ: أنشَرُ، وفي أُخرى: أفْشى، فقالوا له: جَميلُ بنُ مَعمَرٍ الجُمَحيُّ، وهو صَحابيٌّ أسلَمَ بَعدَ ذلك وشَهِدَ فتحَ مَكَّةَ وغَزوةَ حُنَينٍ، وماتَ في خِلافةِ عُمَرَ، وحَزِنَ عليه عُمَرُ حُزنًا شَديدًا. فخَرَجَ عُمَرُ إليه، وأنا-أي: عَبدُ اللَّهِ- مَعَه أتبَعُ أثَرَه، أي: أسيرُ خَلْفَه عَن قُربٍ، أعقِلُ ما أرى وأسمَعُ. يُريدُ أن يُبَيِّنَ بذلك أنَّه كان يَعي زَمَن تلك الفترةِ، فأتاه عُمَرُ، فقال: يا جَميلُ، إنِّي قد أسلَمتُ! يَقولُ عَبدُ اللَّهِ: فواللهِ ما رَدَّ عليه -أي: جَميلٌ- كَلِمةً، حَتَّى قامَ عامِدًا إلى المَسجِدِ، أي: المَسجِدِ الحَرامِ، وهو مَكانُ اجتِماعِ كُفَّارِ قُرَيشٍ حينَئِذٍ، فنادى أنديةَ قُرَيشٍ، جَمعُ نادٍ، وهو مَجلِسُ القَومِ ومُتَحَدَّثُهمُ الذي يَجتَمِعونَ فيه، فقال: يا مَعشَرَ قُرَيشٍ، إنَّ ابنَ الخَطَّابِ قد صَبَأ، أي: أسلَمَ، وكانوا يَقولونَ لكُلِّ مَن أسلَمَ وتَرك دينَ قَومِه: صابئٌ، ولكُلِّ خارِجٍ مِن دينِه إلى دينٍ آخَرَ: صابئٌ، فقال عُمَرُ: كَذَبَ، ولَكِنِّي أسلَمتُ وآمَنتُ باللهِ وصَدَّقتُ رَسولَه. فثاوَروه، أي: واثَبوا عليه فقاتَلَهم حَتَّى رَكَدَتِ الشَّمسُ على رؤوسِهم، أي: استَوت وسَكَنَت، حَتَّى فتَرَ، أي: تَعِبَ عُمَرُ وجَلَسَ، فقاموا، أي: المُشرِكونَ، على رَأسِه، ليَضرِبوه، فقال عُمَرُ: افعَلوا ما بَدا لَكُم، فواللهِ لو كُنَّا ثَلاثَمِائةِ رَجُلٍ لَقد تَرَكتُموها لَنا أو تَرَكْناها لَكُم! ولَعَلَّه يَقصِدُ بذلك -واللَّهُ أعلَمُ- أنَّنا لو كُنَّا نَحنُ المُسلِمينَ ثَلاثَمِائةِ رَجُلٍ انتَصَرْنا عليكُم وتَرَكتُمونا نَفعَلُ ما نَشاءُ في مَكَّةَ، أو تَهزِمونَنا فنَترُكُكُم تَفعَلونَ ما تشاؤون في مَكَّةَ، فبَينَما هم كذلك قيامٌ عليه، أي: مُستَمِرُّونَ في الضَّربِ، إذ جاءَ رَجُلٌ عليه حُلَّةُ -والحُلَّةُ هيَ الثَّوبُ الذي يَشتَمِلُ على رِداءٍ وإزارٍ- حَريرٍ وقَميصٌ قُومِسيٌّ. ولَعَلَّه نِسبةٌ إلى قُومِسَ: مِنطَقةٌ في جَبَلِ طَبَرِستانَ، فقال: ما بالُكُم؟ أي: لماذا أنتُم مُجتَمِعونَ على عُمَرَ وتَضرِبونَه؟ فقالوا: إنَّ ابنَ الخَطَّابِ قد صَبَأ! قال: فمَهْ؟ أي: فما الأمرُ إذَنْ، امرُؤٌ اختارَ دينًا لنَفسِه، أفتَظُنُّونَ أنَّ بَني عَديٍّ -وهم قَبيلةُ عُمَرَ- تُسَلِّمُ إليكُم صاحِبَهم؟! أي: هَل تَتَوقَّعونَ أنَّ بَني عَديٍّ لو عَرَفَت بذلك أنَّها تُعطيكُم عُمَرَ تَفعَلونَ به ما شِئتُم؟! فلَمَّا قال لَهم ذلك، فكَأنَّما كانوا ثَوبًا انكَشَف عَنه، أي: أنَّه لَمَّا قال لَهم ذلك أدرَكوا مَعنى كَلامِه فابتَعَدوا عَن عُمرَ وتَرَكوه، وشَبَّهَهم بأنَّهم كانوا بمَثابةِ الثَّوبِ كان فوقَ عُمَرَ، ثُمَّ انكَشَف الثَّوبُ عَنه. ثُمَّ إنَّ عَبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ سَألَ أباه عَن ذلك الرَّجُلِ، فقُلتُ له بَعدُ بالمَدينةِ: يا أبَتِ، مَنِ الرَّجُلُ الذي رَدَّ عَنك القَومَ يَومَئِذٍ؟ فقال عُمَرُ: يا بُنَيَّ، ذاكَ العاصِ بنُ وائِلٍ. وهو العاصِ بنُ وائِلِ بنِ هِشامٍ السَّهميُّ، مِن قُرَيشٍ، أدرَكَ الإسلامَ، وظَلَّ على الشِّركِ، وهو والِدُ الصَّحابيِّ عَمرِو بنِ العاصِ رَضِيَ اللهُ عنه.
وفي الحَديثِ جَهرُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنه بإسلامِه.
وفيه شِدَّةُ عَداءِ المُشرِكينَ للصَّحابةِ .
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها