حَذَّرَتِ الشَّريعةُ مِن جَميعِ الأخلاقِ الذَّميمةِ، وبَيَّنَت عَواقِبَها على الفردِ والمُجتَمَعِ، وبَيَّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أنَّ أكمَلَ المُؤمِنينَ إيمانًا أحسَنُهم خُلُقًا. ومِن تلك الأخلاقِ الذَّميمةِ المَكرُ والخَديعةُ، فالمَكرُ هو إيصالُ المَكروهِ إلى الإنسانِ مِن حَيثُ لا يَشعُرُ، وقد بَيَّنَ اللهُ تَعالى أنَّ عاقِبةَ المَكرِ تَعودُ على صاحِبِه، فقال: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إلَّا بِأَهْلِهِ}
[فاطِر: 43] ، وأمَّا الخَديعةُ: فهيَ إظهارُ خَيرٍ يُتَوسَّلُ به إلى إبطانِ شَرٍّ يَؤولُ إليه أمرُ ذلك الخَيرِ المُظهَرِ، وقد وصَف اللَّهُ المُنافِقينَ بهذه الصِّفةِ فقال: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}
[البقرة: 9] ؛ ولهذا كان الصَّحابةُ بَعيدينَ عَن مِثلِ هذه الصِّفاتِ الذَّميمةِ، يَقولُ قَيسُ بنُ سَعدٍ رَضيَ اللهُ عنه: لَولا أنِّي سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم يَقولُ: المَكرُ والخَديعةُ -أي: صاحِبُهما- في النَّارِ، لَكُنتُ مِن أمكَرِ النَّاسِ؛ فبَيَّنَ أنَّ الذي مَنَعَه مِنَ الاتِّصافِ بهما ليس عَجزَه عَنهما، وإنَّما كَونُهما تُؤَدِّيانِ إلى النَّارِ.
وفي الحَديثِ بَيانُ قُبحِ وخُطورةِ الخَديعةِ والمَكرِ.
وفيه الحَذَرُ مِن كُلِّ خُلُقٍ يوصِلُ إلى النَّارِ.
وفيه حِرصُ الصَّحابةِ وبُعدُهم عَن كُلِّ خُلُقٍ ذَميمٍ .