الموسوعة الحديثية


- لما حُرِّمتِ الخمرُ، قال أُناسٌ: يا رسولَ اللهِ، أصحابُنا الذين ماتوا وهم يشربونَها؟ فأُنزِلتْ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا...} [المائدة: 93]، قال: ولما حُوِّلتِ القِبْلةُ، قال أُناسٌ: يا رسولَ اللهِ، أصحابُنا الذين ماتوا وهم يُصلُّونَ إلى بيتِ المَقدِسِ؟ فأُنزِلتْ: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143].
خلاصة حكم المحدث : صحيح لغيره
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 2691
| التخريج : أخرجه أبو داود (4680) مختصراً، والترمذي (2964، 3052) مفرقاً، وأحمد (2691) واللفظ له
التصنيف الموضوعي: أشربة - كل مسكر خمر صلاة - تحويل القبلة قرآن - أسباب النزول فضائل سور وآيات - سورة البقرة فضائل سور وآيات - سورة المائدة
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث
جاءَت الأحكامُ الشَّرعيَّةُ بالتَّدريجِ، فقد كان المَقصَدُ الأعظَمُ في دَعوةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هو دَعوةَ النَّاسِ إلى تَوحيدِ اللهِ تعالى، ولم تُفرَضِ الأحكامُ والتَّشريعاتُ إلَّا بَعدَ ما استَقَرَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في المَدينةِ، واستَقَرَّ التَّوحيدُ في قُلوبِ الصَّحابةِ، فبَدَأ نُزولُ الأحكامِ الشَّرعيَّةِ الأخرى المُتَعلِّقةِ بأمورِ العِباداتِ والمُعامَلاتِ، ففُرِضَت أحكامٌ، وحُرِّمَت أحكامٌ أخرى، وتَغَيَّرَت أحكامٌ أخرى، وكان العَمَلُ بتلك العِباداتِ قَبلَ أن يُغَيَّرَ حُكمُها عِبادةً، ولمَّا تَغَيَّرَ حُكمُها أصبَحَ العَمَلُ بها بَعدَ ذلك ليس من العِبادةِ، وهكذا بَعضُ التَّشريعاتِ التي كانت مُباحةً في بدايةِ الأمرِ ليس فيها إثمٌ، ولمَّا حُرِّمَت أصبَحَ فِعلُها إثمًا وذَنبًا، ومن تلك القَضايا التي وقَعَت في زَمَنِ التَّشريعِ تَحريمُ الخَمرِ، فقد كان مباحًا ثمَّ حُرِّمَ، فوقَعَ في نَفسِ بَعضِ الصَّحابةِ استِشكالٌ بحالِ أصحابِهم الذينَ ماتوا وهم قد شَرِبوا الخَمرَ: هل عليهم إثمٌ أم لا؟ فنَزَل القُرآنُ يوضِّحُ ذلك وأنَّه ليس عليهم شَيءٌ؛ لأنَّهم شَرِبوها قَبل تَحريمِها، وأنَّ الإثمَ إنَّما هو على مَن شَرِبَها بَعدَ التَّحريمِ، فقال تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [المائِدة: 93] ، فبَيَّنَ سُبحانَه أنَّه ليس عليهم جُناحٌ -أي: حَرَجٌ وإثمٌ- فيما شَرِبوه من الخَمرِ في تلك الفترةِ قَبل تَحريمِه ما دامَ أنَّهم كانوا مُتَّقينَ ومُؤمنينَ، ولأنَّ من فَعلَ ما أبيحَ له لم يَكُنْ له ولا عليه شَيءٌ.
وممَّا حَصَل تَغييرٌ في حُكمِه زَمَنَ التَّشريعِ نَسخُ استِقبالِ بَيتِ المَقدِسِ إلى الكَعبةِ؛ فقد كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والمُسلمونَ يَستَقبلونَ في صَلاتِهم بَيتَ المَقدِسِ في بدايةِ الأمرِ، ولمَّا هاجَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نزَل نَسخُ استِقبالِ بَيتِ المَقدِسِ إلى الكَعبةِ فتَوجَّهوا نَحوَها، فاستَشكَل الصَّحابةُ حالَ إخوانِهم الذينَ ماتوا وهم يُصَلُّونَ إلى بَيتِ المَقدِسِ: هل صَلاتُهم ضائِعةٌ أم مَقبولةٌ؟ فأنزَل اللهُ تعالى بَيانَ ذلك فقال: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143] أي: أنَّ اللهَ تعالى لن يُضَيِّعَ إيمانَهم، أي: صَلاتَهم؛ لأنَّهم صَلَّوا بأمرٍ شَرعيٍّ فأجرُهم وثَوابُهم باقٍ، وأُطلِق الإيمانُ على الصَّلاةِ لأنَّها أعظَمُ آثارِ الإيمانِ.
وفي الحَديثِ: بَيانُ القُرآنِ لِما استُشكِل على الصَّحابةِ.
وفيه أنَّ العِبرةَ إنَّما هي الانقيادُ والتَّسليمُ، وكُلُّ طاعةٍ هي امتِثالٌ لأمرِ اللهِ، وهي غَيرُ ضائِعةٍ بفضلِ اللهِ.
وفيه وُقوعُ النَّسخِ في الأحكامِ الشَّرعيَّةِ .
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها