الموسوعة الحديثية


-  كانَ المُشْرِكُونَ يقولونَ: لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ، قالَ: فيَقولُ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: وَيْلَكُمْ! قدْ قَدْ، فيَقولونَ: إلَّا شَرِيكًا هو لَكَ، تَمْلِكُهُ وَما مَلَكَ. يقولونَ هذا وَهُمْ يَطُوفُونَ بالبَيْتِ!
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم : 1185 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] | التخريج : من أفراد مسلم على البخاري
الإهْلالُ عندَ المُسلمينَ في الحجِّ يَكونُ بتَوْحيدِ اللهِ سُبحانَه وتعالَى، وإخْلاصِ الدِّينِ له، والبُعدِ عنِ الشِّركِ، أمَّا المُشركونَ فَكانَ إهْلالُهم في الحجِّ بالشِّركِ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهُما أنَّ المُشرِكينَ كانوا يَقولونَ في الطَّوافِ حَولَ الكَعبةِ: «لبَّيكَ لا شَريكَ لكَ»، فيَبدَؤونَ التَّلبيةَ بالتَّوْحيدِ، ولأنَّ الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَعلَمُ ما كانوا يَزيدونَه بعْدَ ذلكَ، فكانَ إذا لَبُّوا بالتَّوْحيدِ قال لَهم: «وَيْلَكم!»، أي: لَكمُ الوَيلُ والهَلاكُ بما تَزيدونَ في التَّلبيةِ، «قدْ قدْ»، رُوِيَ بإِسْكانِ الدَّالِ وكَسرِها معَ التَّنوينِ، أي: اكتَفوا بقَولِكُم بالتَّوْحيدِ واقْتَصِروا عليهِ، وَلا تَزيدُوا ما بَعدَها مِن قَولِكم: «إلَّا شَريكًا هوَ لكَ، تَملِكُه وَما ملَكَ»، ومُرادُهم بذلك الشَّريكِ أصْنامُهم، ويَحتمِلُ مَعنيَيْنِ: الأَوَّلُ: أنتَ تَملِكُه وَما في مُلكِه، والثَّاني: أنتَ تَملِكُه وهوَ لا يَملِكُ، فهُم يَعترِفونَ بأنَّه لا يستحِقُّ شيئًا منَ العِبادةِ؛ لأنَّه لا يملِكُ شيئًا لنفْسِه، ولا لغَيرِه، وإنَّما المالِكُ هو اللهُ، ومعَ ذلك يُشرِكونَ معَه في العِبادةِ، جهلًا أو عِنادًا وعُتوًّا واسْتكبارًا! قال تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا} [الفرقان: 3].
ويُخبِرُ ابنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّهم يَقولونَ ذلك وهُمْ يَطُوفونَ ببَيتِ اللهِ الحَرامِ تَقرُّبًا إلى اللهِ تعالى بالكَلمةِ الباطِلةِ وهي مَرْدودةٌ عليهم.