الموسوعة الحديثية


- أَمَرَنِي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ أتَصَدَّقَ بجِلَالِ البُدْنِ الَّتي نَحَرْتُ وبِجُلُودِهَا.
الراوي : علي بن أبي طالب | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 1707 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
بيَّن رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَناسِكَ الحجِّ بأقوالِه وأفعالِه، وقدْ علَّمَنا أنَّ ما يُقدَّمَ مِن قُرباتِ الهَدْيِ وغيرِه يَنْبغي أنْ يكونَ مُقدَّمًا لوَجْهِ اللهِ بسَماحةِ نفْسٍ وطِيبِ خاطرٍ، تَقديرًا لنِعَمِ اللهِ على المسلِمِ، وعلى ما أتمَّ عليه مِن الحجِّ.
وفي هذا الحَديثِ يَروي عليُّ بنُ أبي طالِبٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمَرَه في حَجَّةِ الوداعِ -وهي التي حَجَّها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في السَّنةِ العاشرةِ- أنْ يَتصدَّقَ بجِلَالِ البُدْنِ وبِجُلُودِها الَّتي أهْداها للحرَمِ بعْدَ أنْ تُنحَرَ وتُذبَحَ؛ تَأكيدًا على أنَّ الهدْيَ كلَّهَ للهِ، وليَنتفِعَ بجَميعِه الفُقراءُ وأصحابُ الحاجاتِ. والجِلالُ -بِكَسْرِ الجيمِ- جَمعُ جُلٍّ، وهو ما تَلبَسُه الدَّابَّةُ مِن كِساءٍ وقِلادةٍ ونحْوِه. والبَدَنةُ: هي ما يُهْدَى إلى البيتِ الحرامِ مِن بَهيمةِ الأنعامِ مِن الإبلِ والبقَرِ، أو هي الإبلُ خاصَّةً؛ للتَّقرُّبِ بها إلى اللهِ تَعالى.
وإنَّما نصَّ على الجِلالِ والجُلودِ لِما يُظَنُّ في الذَّبائحِ أنَّ قِسمتَها وتَوزيعَها يَتعلَّقُ بلُحومِها فقطْ، فكان هذا تَأكيدًا على أنَّ كلَّ ما يَصلُحُ الانتفاعُ به مِن الذَّبيحةِ يَدخُلُ في كَونِه للهِ ويُتصدَّقُ به، ولا يَختَصُّ ذلك بلَحْمِها.
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ التَّوكيلِ في القِيامِ على مصالِحِ الهَديِ مِن ذَبْحِه وقِسْمة لَحمِه وغيرِ ذلك.
وفيه: عدَمُ الانتفاعِ ببَيعِ شَيءٍ أُخرِجَ للهِ تَعالى، ولو بجُزْءٍ منه.
وفيه: مَشروعيَّةُ تَجليلِ الهَدايا إلى الحرَمِ بكِساءٍ فوقَ ظَهْرِها، ثمَّ التَّصدُّقُ به على الفُقراءِ، كما يُتصدَّقُ بجُلودِها ولُحومِها.