الموسوعة الحديثية


- خَرَجْنَا مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في غَزْوَةٍ، فأصَابَنَا جَهْدٌ حتَّى هَمَمْنَا أَنْ نَنْحَرَ بَعْضَ ظَهْرِنَا، فأمَرَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَجَمَعْنَا مَزَاوِدَنَا، فَبَسَطْنَا له نِطَعًا، فَاجْتَمَع زَادُ القَوْمِ علَى النِّطَعِ، قالَ: فتَطَاوَلْتُ لِأَحْزِرَهُ كَمْ هُو؟ فحَزَرْتُه كَرَبْضَةِ العَنْزِ، ونَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً، قالَ: فأكَلْنَا حتَّى شَبِعْنَا جَمِيعًا، ثُمَّ حَشَوْنَا جُرُبَنَا، فَقالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: فَهلْ مِن وَضُوءٍ؟ قالَ: فجَاءَ رَجُلٌ بإدَاوَةٍ له فِيهَا نُطْفَةٌ، فأفْرَغَهَا في قَدَحٍ، فتَوَضَّأْنَا كُلُّنَا نُدَغْفِقُهُ دَغْفَقَةً أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً. قالَ: ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذلكَ ثَمَانِيَةٌ، فَقالوا: هلْ مِن طَهُورٍ؟ فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: فَرِغَ الوَضُوءُ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : سلمة بن الأكوع | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم : 1729
| التخريج : أخرجه أبو عوانة في ((المستخرج)) (6942) ، والبيهقي في ((دلائل النبوة)) (4/ 118) باختلاف يسير وأخرجه البخاري (2982) بنحوه.
التصنيف الموضوعي: أنبياء - معجزات فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - بركة النبي فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - تبرك الناس به فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - معجزات النبي اعتصام بالسنة - أوامر النبي ونواهيه وتقريراته
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث
أيَّد اللهُ سُبحانَه نَبيَّهُ مُحمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالمُعجِزاتِ الخارِقَةِ للعادَةِ الدَّالَّةِ على نُبُوَّتِهِ، ومِن هذه المُعجِزاتِ تَكثيرُ الطَّعامِ بيْنَ يَدَيه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وحُلولُ البَرَكةِ فيه.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي سَلَمَةُ بنُ الأَكْوَعِ رَضيَ اللهُ عنه أنَّهم خَرَجوا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غَزْوَةٍ، قيل: يَحتمِلُ أنْ تكونَ غَزوةَ تَبوكَ، فأصابَهم "جَهْدٌ" أي: مَشَقَّةٌ؛ وذلك مِن قِلَّةِ الطَّعامِ، حتَّى هَمُّوا أن يَنْحَروا ويَذبَحوا بعضَ إِبِلِهم الَّتِي يَركبونَها، فأمَرهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أن يجمعوا «مَزاوِدَهم» جَمْعَ مِزْوَدٍ، وهو الوِعاءُ الَّذِي يُحمَلُ فيه الزَّادُ، والمعنى: أنَّ كلَّ مَن في الجيشِ يَأتي بما بَقِي معه وعندَه مِن طَعامٍ ويُجمَعُ بعضُه إلى بعضٍ، «فبَسَطوا» أي: فَرَشوا «نِطَعًا»، وهو البِساطُ مِن الجِلدِ، فاجتَمَع طعامُ القومِ على النِّطَعِ، فتَطاوَلَ سَلَمَةُ لِيَحْزِرَه كم هو؟ أي: مَدَّ عُنُقَه مِن وَسْطِ الصَّحابةِ رَضيَ اللهُ عنهم ورَفَعها حتَّى يُظهِرَ طُولَه لِيُقدِّرَ الطَّعامَ المجموعَ، فقَدَّرَه «كَرَبْضَةِ العَنْزِ» أي: كقَدْرِها وهي رَابِضَةٌ، أي: جالِسَةٌ، والعَنْزُ: الأُنثَى مِنَ المَعْزِ إذا أتَى عليها حَوْلٌ، وهذا بَيانٌ لِمدى قِلَّةِ هذا الطَّعامِ، وكان عَدَدُ المسلمون أرْبَعَ مِائَةٍ، وفي رِوايةِ البُخاريِّ: «فدَعا وبَرَّك عليه» أي: إنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دَعا اللهَ عزَّ وجلَّ أنْ يُبارِكَ في هذا الطَّعامِ، فأكَل النَّاسُ حتَّى شَبِعوا جميعًا مِن هذا الطَّعامِ المجموعِ، ثُمَّ بعْدَ ذلك تَزوَّدوا مِن الباقي مِن ذلك الطَّعامِ، وحَشَوا جُرُبَهم، أي: مَلأَ كلُّ واحدٍ منهم جِرَابَه، وهو الوِعاءُ مِنَ الجِلْدِ يُجعَلُ فيه الزَّادُ.
ثمَّ سَأل صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هلْ مِن وَضُوءٍ؟ أي: ماءٍ للوُضوءِ، فجاء رَجُلٌ «بإدَاوَةٍ» وهي الوعاءُ الَّذي يُحفَظُ فيه الماءُ، وكان فيها «نُطْفَةٌ» أي: قليلٌ مِن الماءِ، فأَفْرَغَها في قَدَحٍ، وكأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دَعا وبرَّكَ على الماءِ بمِثلِ ما فَعَل في الطَّعامِ، فكَثُر الماءُ، حتَّى تَوضَّأَ منه النَّاسُ كلُّهم، ومِن كَثرتِه كانوا يُدغْفِقُونه دَغْفَقَةً، أي: يَصُبُّونه صَبًّا شديدًا، وعَدَدُهم أرْبَعُ مِائَةٍ، ويُخبِرُ سَلَمةُ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه بعْدَ وُضوئهِم بهذا الماءِ جاء ثَمانِيَةُ رِجَالٍ فقالوا: هل مِن طَهورٍ؟ أي: هلْ يُوجَدُ ماءٌ للوُضوء نَتوضَّأُ به؟ فأجابهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه قدْ فَرَغ الماءُ.
وفي الحديثِ: أنَّ مِن هَدْيِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَمْلَ الزَّادِ في السَّفَرِ وفي الغَزْوِ، وأنَّه ليس مُنافِيًا لِلتَّوَكُّلِ.
وفيه: أنَّ مِن هَدْيِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الشَّرِكَةَ في الطَّعام والشَّرابِ.
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها