الموسوعة الحديثية


- أَعْمَرَتِ امْرَأَةٌ بالمَدِينَةِ حَائِطًا لَهَا ابْنًا لَهَا، ثُمَّ تُوُفِّيَ وَتُوُفِّيَتْ بَعْدَهُ، وَتَرَكَتْ وَلَدًا، وَلَهُ إخْوَةٌ بَنُونَ لِلْمُعْمِرَةِ، فَقالَ وَلَدُ المُعْمِرَةِ: رَجَعَ الحَائِطُ إلَيْنَا، وَقالَ بَنُو المُعْمَرِ: بَلْ كانَ لأَبِينَا حَيَاتَهُ وَمَوْتَهُ، فَاخْتَصَمُوا إلى طَارِقٍ مَوْلَى عُثْمَانَ، فَدَعَا جَابِرًا، فَشَهِدَ علَى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بالعُمْرَى لِصَاحِبِهَا، فَقَضَى بذلكَ طَارِقٌ، ثُمَّ كَتَبَ إلى عبدِ المَلِكِ، فأخْبَرَهُ ذلكَ، وَأَخْبَرَهُ بشَهَادَةِ جَابِرٍ، فَقالَ عبدُ المَلِكِ: صَدَقَ جَابِرٌ، فأمْضَى ذلكَ طَارِقٌ، فإنَّ ذلكَ الحَائِطَ لِبَنِي المُعْمَرِ حتَّى اليَومِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم : 1625
| التخريج : أخرجه أبو عوانة في ((المستخرج)) (6164)، وعبد الرزاق (16886)، وابن الحداد في ((جامع الصحيحين)) (1796) واللفظ لهم.
التصنيف الموضوعي: مناقب وفضائل - جابر بن عبد الله هبة وهدية - العمرى أقضية وأحكام - الحكم بالكتاب والسنة ثم باجتهاد الحاكم، والخطأ معذور مناقب وفضائل - فضائل جمع من الصحابة والتابعين
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث
نظَّمَ الشَّرعُ الحكيمُ أموالَ التَّصدُّقِ والهِباتِ بيْنَ النَّاسِ، كما نظَّمَ أُمورَ المواريثِ؛ فبيَّنَ حقَّ كلِّ ذي حقٍّ.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ امْرأةً أعْمَرتِ ابنًا لها، أي: وَهَبتهُ وأَعطَتْه، فالعُمْرَى: هيَ تَمليكُ المنافعِ لِلغَيرِ كالهِبة والهديَّةِ، وللمسلمِ أنْ يتصدَّقَ ويهَبَ مِن مالهِ كيفَ يَشاءُ، وكلُّ هذا له ثوابٌ عظيمٌ إذا كان العَمَلُ خالصًا لِلهِ تَعالَى. فأعْطَت ابْنَها «حائطًا لها» وهو: البُستانُ مِن النَّخلِ إذا كانَ له جِدارٌ يَحُوطُه، ثمَّ ماتَ ذلكَ الابنُ قبْلَ أُمِّه، ثمَّ إنَّ المرأةَ ماتتْ بعدَ ابنِها، وقولُه: «وَتَرَكَتْ وَلَدًا» ظاهرُه أنَّه خطأٌ؛ فقدْ وَرَد في بَعضِ النُّسَخِ في صَحيحِ مُسلمٍ والثَّابتُ في المرويَّاتِ قولُه: «وَتَرَكَ وَلَدًا»، وهو الصَّوابُ والمناسِبُ للسِّياقِ. فتَرَكَ هذا الابنُ الميِّتُ ولدًا مِن صُلبِه، وكان للَّذي وَهَبَت له أُمُّه إخوةٌ ذُكورٌ مِن أُمِّه، فقالَ إخوتُه لأوْلادِه: «رَجعَ الحائطُ إلَينا» وذلك على اعتبارِ أنَّ أُمَّهم ما زالتْ مالكةً لِأصلِ البُستانِ، وبمَوتِها رُدَّ هذا البُستانُ للوَرَثةِ، وكان ذلكَ من فِعل الجاهليَّةِ أنَّهم يَرجِعونها لِمَن أعْطاها عندَ موتِه، فقالَ أبناؤُهُ: «بلْ كانَ لأبينا حياتَه ومَوتَه»، أي: هو مِلكٌ لأبِينا في حياتِه وملكٌ لنا بعدَ موتِه؛ لأنَّنا الوَرَثةُ له، فتَنازَعَ الإخوةُ معَ أبناءِ أخيهِم على هذا البُستانِ، وتَقاضَوا عندَ طارقٍ مَولى عُثمانَ بنِ عفَّانَ، وكانَ أميرًا على المدينةِ لعبدِ الملِكِ بنِ مَرْوانَ، فدعا طارِقٌ مَولى عثمانَ جابرَ بنَ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما؛ لِيسْتفتِيهِ في أمرِهِم، فجاءَ فشهِدَ جابرٌ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَضى أنَّ العُمرَى مملوكةٌ لِمَن أخذَها وأُعْمِرَتْ لهُ، وبِناءً عليهِ تكونُ لوَرثتِه بعدَ وفاتِه. فقَضى طارقٌ بالبُستانِ للأبناءِ، ثمَّ كَتبَ طارِقٌ إلى عَبدِ الملكِ فأخبرَه بقَضائِه، وأخبرَهُ بِشَهادةِ جابرٍ رَضيَ اللهُ عنه، عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ عبدُ الملِكِ: «صَدَقَ جابرٌ»، فِيما حدَّثَ بهِ عنْ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأنفَذَ طارقٌ قضاءَهُ الَّذي قَضَى به على المتنازِعَينِ، وبَقِي هذا البُستانُ في مِلكِ أبناءِ الابنِ الَّذي أعْطَتْه أُمُّه البستانَ عُمْرى.
وفي الحديثِ: الرُّجوعُ إلى أهلِ العِلمِ في مَسائلِ الدِّينِ.
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها