الصَّلاةُ عِمادُ الدِّينِ، ورُكنُه الرَّكينُ، وقدْ علَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كَيفيَّتَها وآدابَها، ونقَلَ الصَّحابةُ الكِرامُ كلَّ تَفاصيلِ الصَّلاةِ عنه وعَلَّمونا إيَّاها، وكان مِن هَدْيِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُصلِّيَ الصَّلاةَ في أوَّلِ وَقتِها.
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي الصَّحابيُّ سَعدُ بنُ أبي وقَّاصٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سُئلَ عن مَعْنى قولِه تعالَى: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}
[الماعون: 5] ، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «إضاعةُ الوَقتِ»، فبيَّنَ أنَّ المَقصودَ منَ السَّهوِ عنِ الصَّلاةِ هو إضاعةُ وَقتِها، والصَّلاةُ خارجَ هذا الوَقتِ.
وقدْ جاء في مَعْناها عدَّةُ أقوالٍ؛ قيلَ: لا يُبالونَ صَلَّوْها، أو لم يُصَلُّوها، وقيلَ: مَعْناه: غافِلونَ يَتَهاوَنونَ بها، وقيلَ: مَعْناه: أنَّهمُ الَّذين إنْ صَلَّوْها صَلَّوْها رياءً، وإنْ فاتَتْهم لا يَنْدَموا عليها، وقيلَ: لا يُصَلُّونَها لوَقتِها ولا يُتمُّونَ رُكوعَها وسُجودَها.
والسَّهْوُ في اللُّغةِ: نِسيانُ الشَّيءِ، والغَفْلةُ عنه، وذَهابُ القَلبِ عنه إلى غَيرِه، والسَّهْوُ في الشَّيءِ: تَرْكُه عن غَيرِ عِلمٍ، والسَّهْوُ عنه: تَركُه معَ العِلمِ،وعلى هذا فالسَّهْوُ يَشمَلُ تَأخيرَ الصَّلاةِ عن أوَّلِ وَقتِها، أو خُروجَ وَقتِها دونَ أنْ يُؤدِّيَها المُسلِمُ، ويَشمَلُ أيضًا عدَمَ الخُشوعِ فيها، أوِ الصَّلاةَ معَ الرِّياءِ.
وسُورةُ الماعونِ تَشتمِلُ مَعانيها على التَّحْذيرِ مِن تَأْخيرِ الصَّلاةِ عن وَقتِها معَ التَّوعُّدِ لهم بالوَيلِ، ويكونُ هذا أيضًا مِن بابِ الحَثِّ على أداءِ الصَّلاةِ في وَقتِها معَ الخُضوعِ والخُشوعِ فيها.