الموسوعة الحديثية


- إنَّ رَجُلًا أتى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقال: يا نَبيَّ اللهِ، أيُّ العملِ أفضلُ؟ قال: الإيمانُ باللهِ، وتَصديقٌ به، وجِهادٌ في سَبيلِه، قال: أُريدُ أهوَنَ مِن ذلك يا رسولَ اللهِ، قال: السَّماحةُ والصَّبرُ، قال: أُريدُ أهوَنَ مِن ذلك يا رسولَ اللهِ، قال: لا تَتَّهِمِ اللهَ في شيءٍ قَضى لك به.
خلاصة حكم المحدث : محتمل للتحسين
الراوي : عبادة بن الصامت | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 22717
| التخريج : أخرجه أحمد في (22717) واللفظ له، وابن أبي عاصم في ((الجهاد)) (25)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (9714)
التصنيف الموضوعي: جهاد - فضل الجهاد رقائق وزهد - أي الأعمال أفضل رقائق وزهد - الصبر على البلاء رقائق وزهد - حسن الظن بالله إيمان - الأمر بالإيمان بالله تعالى ورسوله وشرائع الدين
|أصول الحديث
كان الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم-لحِرْصِهم على الطَّاعاتِ وما يُقرِّبُ مِن رِضا اللهِ عزَّ وجَلَّ- كثيرًا ما يَسأَلونَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن أفضَلِ الأعمالِ، وأكثَرِها قُرْبةً إلى اللهِ تَعالَى، فكانتْ إجاباتُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تَختلِفُ باختِلافِ أَشْخاصِهم وأَحْوالِهم، وما هو أكثَرُ نفْعًا لكلِّ واحدٍ منهم.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عُبادةُ بنُ الصَّامِتِ رضِيَ اللهُ عنه أنَّ رجُلًا جاء إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَسأَلُه عن أيِّ العمَلِ مِنَ الطَّاعاتِ والصَّالِحاتِ أفضَلُ، وأكثَرُها ثَوابًا، وأنفَعُها لِفاعلِها؟ فأخبَرَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «الإيمانُ باللهِ، وتَصديقٌ به»، فيُقِرُّ بلِسانِه وقلْبِه أنَّه اللهُ الَّذي لا إلَهَ إلَّا هو، النَّافعُ الضَّارُّ. وفي رِوايةٍ لابنِ أبي عاصمٍ في الجهادِ: «وتَصديقٌ بكتابِه». وفي رِوايةٍ لابنِ أبي الدُّنْيا في الرِّضا: «وتَصديقٌ برَسولِهِ»؛ فبيَّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّالإيمانَ باللهِ وكتابِه الَّذي أنزَلَ-وهو القُرآنُ- ونَبيِّه الَّذي أرسَلَ-وهو محمَّدٌ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- مِن أفضَلِ الأعمالِ على الإطلاقِ، وأعظَمِها عندَ اللهِ أجْرًا وثَوابًا؛ لأنَّه شَرْطٌ في صحَّةِ جميعِ العباداتِ الشَّرعيَّةِ؛ مِن صَلاةٍ، وزَكاةٍ، وصَومٍ، وغَيرِها.
«وجِهادٌ في سَبيلِه»: وهو القتالُ لإعلاءِ كلِمةِ اللهِ، وليسَ لأيِّ غرَضٍ مِنَ الأغْراضِ الأُخْرى، وإنَّما كان الجهادُ أفضَلَ بعْدَ الإيمانِ باللهِ ورَسولِه مِن غَيرِه؛ لأنَّه بَذْلٌ للنَّفْسِ في سَبيلِ اللهِ.
فأخبَرَ الرَّجُلُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه يَرغَبُ مِن الأعْمالِ ما هو أقلُّ مِن ذلكَ في الجُهْدِ والمَشقَّةِ، ويكونُ أقدَرَ عليه، والإشارةُ تَعودُ إلى الجهادِ؛ إذ إنَّ الإيمانَ باللهِ هو رأْسُ كلِّ الأعْمالِ، فلا يَنزِلُ به إلى غَيرِه، وهو أيضًا عمَلٌ قَلْبيٌّ، لا يكونُ فيه مَشقَّةٌ، أو تعَبٌ بدَنيٌّ على عكْسِ الجهادِ، فهو عِبادةٌ بَدَنيَّةٌ، ولعلَّ رَغبتَه عنِ الجهادِ إلى ما هو أقلُّ؛ لعدَمِ قُدرتِه عليه، أو أنَّه يَبحَثُ عنِ الأعْمالِ الَّتي يَحرِصُ عليها المُسلِمُ في الوقتِ الَّذي لا يكونُ فيه جِهادٌ، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «السَّماحةُ»؛ وهي اللِّينُ والرِّفْقُ معَ النَّاسِ، وعَدَمُ مُضايَقَتهم، والبَذْلُ، والإحسانُ، والجُودُ، وسَخاءُ النَّفْسِ. وقيلَ: السَّماحةُ هي السَّماحُ بأداءِ الفَرائضِ، وقدْ تُفسَّرُ السَّماحةُ بما جاء في حَديثِ أحمدَ أنَّ عُقْبةَ بنَ عامرٍ رضِيَ اللهُ عنه سَأَلَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن فَواضِلِ الأعْمالِ، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «يا عُقْبةُ، صِلْ مَن قطَعَكَ، وأَعْطِ مَن حرَمَكَ، وأَعرِضْ عمَّن ظلَمَكَ»؛ ثُمَّ أخبَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الرَّجُلَ بفَضيلةِ الصَّبْرِ، وهو الصَّبْرُ عن مَحارِمِ اللهِ، والصَّبْرُ هو: حَبْسُ النَّفْسِ عنِ الجَزَعِ، وحَبْسُ اللِّسانِ عنِ الشَّكْوى، وحَبْسُ الجَوارِحِ عنِ المعاصي، فأخبَرَ الرَّجُلُ أنَّه يَرغَبُ فيما هو أهوَنُمِن ذلكَ؛ فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «لا تتَّهِمِ اللهَ في شَيءٍ قَضَى لكَ به»؛ واتِّهامُ اللهِ يكونُ بعدَمِ الرِّضا بقَضائِه وقدَرِه، والجزَعِ عندَ المُصيبةِ والبلاءِ؛ فهذا مِمَّا يُحذِّرُ منه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الإنسانَ المُسلِمَ، ويَنهَى عنه.
وفي الحَديثِ: الحضُّ والتَّرْغيبُ في الجهادِ.
وفيه: بَيانُ فَضيلتَيِ السَّماحةِ والصَّبْرِ.
وفيه: الحَثُّ على الإيمانِ بقَضاءِ اللهِ وقدَرِه، والرِّضا به.
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها