الموسوعة الحديثية


- رَأيتُ فيما يَرى النائمُ كأنِّي أنْزِعُ أرضًا، ورَدَتْ علَيَّ وغَنَمٌ سُودٌ، وغَنَمٌ عُفْرٌ، فجاء أبو بَكرٍ فنَزَعَ ذَنوبًا أو ذَنوبَينِ وفيهما ضَعْفٌ، واللهُ يَغفِرُ له، ثُمَّ جاء عُمَرُ فنَزَعَ فاستَحالَتْ غَرَبًا، فمَلَأ الحَوضَ وأرْوى الوارِدةَ، فلم أرَ عَبقَريًّا أحْسَنَ نَزعًا مِن عُمَرَ، فأوَّلتُ أنَّ السُّودَ العَرَبُ، وأنَّ العُفْرَ العَجَمُ.
خلاصة حكم المحدث : صحيح لغيره
الراوي : أبو الطفيل عامر بن واثلة | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 23801
| التخريج : أخرجه أحمد (23801) واللفظ له، والبزار (2785)، وأبو يعلى (904)
التصنيف الموضوعي: رؤيا - تأويل الرؤيا رؤيا - رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم مناقب وفضائل - أبو بكر الصديق مناقب وفضائل - عمر بن الخطاب مناقب وفضائل - فضائل العرب
|أصول الحديث
رُؤْيا الأنبياءِ حَقٌّ وصِدقٌ ووَحْيٌ مِنَ اللهِ عزَّ وجَلَّ، وقدْ كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُبشِّرُ أصْحابَهُ رضِيَ اللهُ عنهم برُؤْياه تلكَ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ أبو الطُّفَيلِ عامرُ بنُ واثِلةَ رضِيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رأَى في مَنامِه كأنَّهُ يَنزِعُ أرضًا، وفي رِوايةِ البُخاريِّ مِن حَديثِ عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رضِيَ اللهُ عنهما: «بيْنَما أنا على بِئرٍ أَنزِعُ منها»؛ أي: أنَّه يُخرِجُ مِنَ البِئرِ ماءً، فورَدَ عليه صِنفانِ مِنَ الأَغْنامِ تُريدُ أنْ تَشرَبَ: غنَمٌ سُودٌ، وغنَمٌ عُفْرٌ، مِنَ العُفْرةِ؛ وهو بَياضٌ ليْس بالنَّاصِعِ، فجاء أبو بَكْرٍ رضِيَ اللهُ عنه، فنَزَعَ ذَنوبًا أو ذَنوبينِ، والذَّنوبُ: الدَّلْوُ الَّذي يُسقَى به مِنَ البئرِ، وفي إخراجِه للماءِ ونَزْعِه ضَعْفٌ، وليْسَ في قَولِه:«ضَعْفٌ» حَطٌّ مِن قَدْرِه الرَّفِيعِ، وإنَّما هو إشارةٌ إلى قِصَرِ مُدَّةِ خِلافتِه. وقيلَ: هو إشارةٌ إلى أنَّ الإسلامَ لمْ يَقْوَ في إمارةِ أبي بَكْرٍ رضِيَ اللهُ عنه؛ وإنَّما قُوَّتُهُ في زَمانِ عُمرَ رضِيَ اللهُ عنه؛ فإنَّ اللهُ تَعالَى أظهَرَ بعُمَرَ رضِيَ اللهُ عنه الإسلامَ، وفتَحَ الفتوحَ.
وقَولُه: «واللهُ يَغفِرُ له»؛ أي: لا يَضُرُّه ضَعْفُه عنِ الاستسقاءِ. وقيلَ: إنَّما هذا دَعْمٌ للكلامِ، وصِلةٌ له، كقَولِ أحَدِهِم: افْعَلْ كذا، واللهُ يَغفِرُ لكَ.
ثُمَّ جاء عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رضِي اللهُ عنه، فنزَعَ الماءَ مِنَ البِئرِ، «فاسْتَحالَتْ غَرْبًا»؛ أي: تَحوَّلَ الدَّلْوُ مِنَ الصِّغَرِ إلى الكِبَرِ، والغَرْبُ: الدَّلْوُ الكَبيرُ الَّذي يُسقَى به البَعِيرُ؛ والمعني: أنَّ عُمرَ لمَّا أخَذَ الدَّلْوَ عَظُمَ في يَدِه، وكذا كان تَأويلُها؛ أنَّ الفُتوحَ في أيَّامِه كانتْ أكثَرَ مِنَ الفُتوحِ في أيَّامِ أبي بَكْرٍ رضِيَ اللهُ عنه.
«فمَلَأَ الحَوضَ، وأَرْوَى الواردةَ»؛ أي: أنَّه رضِيَ اللهُ عنه قَوِيَ في نَزْعِه للماءِ؛ حتَّى سَقَى جميعَ الغَنَمِ الَّتي ورَدتِ الحَوضَ للشُّربِ، «فلمْ أَرَ عَبْقرِيًّا أحسَنَ نَزْعًا مِن عُمَرَ»؛ والعَبْقَرِيُّ: الحاذِقُ المُتقِنُ لعمَلِه؛ والمعنى: لمْ أَرَ في النَّاسِ سَيِّدًا عَظيمًا ورجُلًا قَوِيًّا، وإنسانًا حاذِقًا يَعمَلُ عمَلَه.
ثُمَّ أخبَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه تأوَّلَ الغنَمَ السُّودَ بالعرَبِ، والعُفْرَ بالعجَمِ.
قيلَ: إنَّ الحَديثَ فيه دَليلٌ أنَّ الدُّنْيا للصَّالحينَ دارُ نصَبٍ وتعَبٍ، وأنَّ الرَّاحةَ منها المَوتُ على الصَّلاحِ والدِّينِ، كما استَراحَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن تعَبِ ذلكَ السَّقْيِ بالمَوتِ، وأنَّ المرادَ بالحَوضِ هنا: أصْلُ العلمِ؛ وهو القُرآنُ الَّذى يَغرِفُ النَّاسُ كلُّهم منه دونَ أنْ يَنتقِصَ؛ حتَّى يَرْوُوا، وهو مَعدِنٌ لا يَفْنَى، ولا يَنتقِصُ.
وفي الحَديثِ: مَنْقَبةٌ وفضْلٌ لأبي بَكْرٍ وعُمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما.
وفيه: إعلامٌ بخِلافتِهما رضِي اللهُ عنهما، وصِحَّةِ وِلايتِهِما، وكثرةِ الانتِفاعِ بِهما.
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها