الموسوعة الحديثية


- إنَّ اللهَ تعالى فَرَضَ فرائِضَ فلا تُضَيِّعوها، وحَدَّ حُدودًا فلا تَعْتَدوها، وحرَّم أشياءَ فلا تَنْتَهكوها، وسَكَتَ عن أشياءَ رَحْمةً لكم غيرَ نِسيانٍ، فلا تَبْحَثوا عنها.
الراوي : أبو ثعلبة الخشني | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج رياض الصالحين | الصفحة أو الرقم : 1832 خلاصة حكم المحدث : حسن بشواهده | التخريج : أخرجه الدارقطني (4/183)، والحاكم (7114)، والبيهقي (20217) باختلاف يسير.
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لا يُحِبُّ كَثرةَ السُّؤالِ عنِ الأشْياءِ الَّتي أباحَها اللهُ للإنْسانِ، ويَخْشى أنْ يُحرِّمَها اللهُ مِن أجْلِ تلك الأسْئلةِ المُتكَلَّفةِ.
وفي هذا الحَديثِ يُوجِّهُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ النَّاسَ إلى تَرْكِ كَثرةِ السُّؤالِ، وأنْ يَكتَفوا بما ورَدَ فيه حُكمُ اللهِ، فأعلَمَ النَّاسَ أنَّ اللهَ تعالَى فرَض فَرائضَ ليَقومَ بها النَّاسُ، فلا يَنبَغي لأحدٍ أنْ يُضيِّعَها، أو يَترُكَها بعْدَ إحْكامِها، كما أنَّه سُبحانَه بيَّن حُدودَه وعِقابَه على المُحرَّماتِ والكَبائرِ، فلا يَنبَغي لأحدٍ أنْ يَتعَدَّاها، ولا أنْ يُعطِّلَها، وحرَّم اللهُ سُبحانَه أُمورًا، فلا يَنبَغي لأحدٍ أنْ يَنتهِكَ حُرمَتَها ولا أنْ يقَعَ فيها، وبذلك يكونُ الحقُّ سُبحانَه قدْ بيَّن للنَّاسِ ما يُريدُه منَ الحَلالِ والحَرامِ، والعُقوباتِ، والأُجورِ والثَّوابِ.
والحَلالُ هو ما نَصَّ اللهُ على حِلِّيَّتِه في كِتابِه، أو بلَّغَ به رَسولُه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، والحَرامُ هو ما نَصَّ اللهُ على حُرمتِه في كِتابِه، أو بلَّغ به رَسولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وما سَكَت اللهُ عنه فلمْ يَذكُرْ في شأنِه حِلًّا ولا تَحريمًا، فهو ممَّا أباحَه اللهُ لعِبادِه، ولنْ يُعاقِبَ أحدًا على فِعْلِه، وقدْ سكَتَ اللهُ عن هذه الأشْياءِ رَحمةً بالعِبادِ، وتَخْفيفًا عليهم، ولم يَنْسَها، فلا تَبحَثوا عنها بكَثرةِ سُؤالِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عنها خَشيةَ أنْ يُشدِّدَ اللهُ عليكم، وهذا فيه النَّهيُ عنِ التَّكلُّفِ في المَسائلِ.
وهذا الحَديثُ جمَع أُصولًا وفُروعًا للدِّينِ؛ وذلك أنَّ أحْكامَ اللهِ أربَعةُ أقسامٍ: فَرائضُ، ومَحارمُ، وحُدودٌ، ومَسكوتٌ عنه؛ وذلك يَجمَعُ أحْكامَ الدِّينِ كلَّها، ومَن عَمِل بها فقدْ حاز الثَّوابَ، وأمِنَ مِن العِقابِ؛ لأنَّ مَن أدَّى الفَرائضَ واجتنَبَ المَحارِمَ، ووقَفَ عندَ الحُدودِ، وترَك البَحثَ عمَّا غاب عنه؛ فقدِ استَوْفى أقْسامَ الفَضلِ، وأوْفى حُقوقَ الدِّينِ؛ لأنَّ الشَّرائعَ لا تَخرُجُ عن هذه الأنْواعِ المَذْكورةِ.
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها