الموسوعة الحديثية


- عن عِكرِمةَ، قال: كنتُ جالِسًا عندَ زَيدِ بنِ عليٍّ بالمَدينَةِ، فمرَّ شَيخٌ يُقالُ له: شُرَحبيلُ أبو سَعدٍ، فقال: يا أبا سَعدٍ، مِن أين جِئتَ؟ فقال: مِن عندِ أَميرِ المُؤمنينَ، حدَّثتُه بِحَديثٍ. فقال: لَأَن يَكونَ هذا الحَديثُ حَقًّا؛ أَحَبُّ إليَّ مِن أنْ يَكونَ لي حُمْرُ النَّعَمِ. قال: حَدِّثْ به القَومَ، قال: سمِعتُ ابنَ عبَّاسٍ يَقولُ: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ما مِن مُسلِمٍ تُدرِكُ له ابنَتانِ، فيُحسِنُ إليهما ما صحِبَتاه -أو صحِبَهما- إلَّا أدخَلَتاه الجنَّةَ.
خلاصة حكم المحدث : حسن لغيره
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 3424
| التخريج : أخرجه من طرق ابن ماجه (3670) مختصراً، وأحمد (3424) واللفظ له
التصنيف الموضوعي: بر وصلة - توقير الكبير ورحمة الصغير بر وصلة - ملاطفة اليتيم والبنات وسائر الضعفة بر وصلة - من رزق البنات فصبر عليهن جنة - الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار
|أصول الحديث
جاء الإسْلامُ باجتِثاثِ كَثيرٍ مِن عاداتِ الجاهليَّةِ المُنكَرةِ، ومِن ذلك أنَّه أوْصى بالبَناتِ مِن الذُّرِّيَّةِ، وحرَّمَ وَأْدَهنَّ وقَتْلَهنَّ، وبذَرَ في قُلوبِ أتْباعِه المَودَّةَ والرَّحمةَ لهنَّ، ووَعَد على الإحْسانِ إليهِنَّ وتَربيتِهنَّ الخَيرَ كلَّه.
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي عِكْرمةُ مَوْلى ابنِ عبَّاسٍ أنَّه كان جالسًا عندَ زَيدِ بنِ عَليٍّ بالمَدينةِ، فمرَّ عليه رجُلٌ كَبيرٌ في السِّنِّ اسمُه شُرَحْبيلُ أبو سَعدٍ، فسَألَه عِكْرمةُ: مِن أين جِئتَ؟ فأخبَرَه أنَّه جاء مِن عندِ أميرِ المؤمِنينَ، وفي رِوايةِ الحاكِمِ: «مِن عندِ أميرِ المَدينةِ»، بدَلَ «أميرِ المؤمِنينَ»، ولعلَّها أقرَبُ إلى الصَّوابِ، إلَّا أنْ يكونَ أحَدُ خُلفاءِ بَني أُميَّةَ كان زائرًا للمَدينةِ إذ ذاك، وقدْ حدَّثه بحَديثٍ عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأُعجِبَ أميرُ المؤمِنينَ بالحَديثِ وقال: «لأنْ يكونَ هذا الحَديثُ حقًّا، أحَبُّ إلَيَّ مِن أنْ يكونَ لي حُمرُ النَّعَمِ»، والمُرادُ: لَأَنْ أظفَرَ بالأجْرِ والثَّوابِ المَذْكورِ في هذا الحَديثِ، أحَبُّ إلَيَّ مِن أنْ تَكونَ لي النُّوقُ الحُمْرُ، وهي مِن أشرَفِ الأمْوالِ وأنفَسِها عندَ العَربِ.
ثمَّ حدَّث أبو سَعدٍ به النَّاسَ، فأخبَرَ عن عبْدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: ما مِن مُسلِمٍ يكونُ له ابنَتانِ، فرَبَّاهما وتَحلَّى بالصَّبرِ عليهما، وعلى تَرْبيَتِهما حتَّى تَكبُرا، وقام بحُقوقِهما، وأنفَق عليهما، وأدَّبَهما بأدبِ الإسْلامِ، مع تَعْليمِهما ما لا بُدَّ مِنه مِن أُمورِ الدِّينِ حتَّى بَلَغَتا سِنَّ التَّكْليفِ، وأحْسَنَ صُحبَتَهما مُدَّةَ بَقائِهما عِندَه؛ إلَّا كانَتا سَببًا في دُخولِه الجنَّةَ؛ مُكافَأةً على إحْسانِه إليهما، ورَحمتِه بهما. وقيَّد ذلك بالبُلوغِ والإدْراكِ؛ لأنَّ البِنتَ تَغفُلُ عنِ الأبِ بعْدَ البُلوغِ، فرُبَّما تُؤدِّي الكَراهةُ إلى سُوءِ المُعامَلةِ.
والمُرادُ بهذا أنَّ أجْرَ القيامِ على البَناتِ أعظَمُ مِن أجرِ القِيامِ على البَنينَ؛ إذْ لم يَذكُرْ مِثلَ ذلك في حقِّهم؛ وذلك لأجْلِ أنَّ مُؤْنةَ البناتِ والاهتمامَ بأُمورِهنَّ أعظَمُ مِن أُمورِ البَنينَ؛ لأنَّهنَّ عَوْراتٌ لا يُباشِرْنَ أُمورَهنَّ، ولا يتَصرَّفْنَ تَصرُّفَ البَنينَ، وكذلك لأنَّهنَّ لا يَتَعلَّقُ بهنَّ طمَعُ الأبِ بالاستِقْواءِ بِهنَّ على الأعْداءِ، وإحياءِ اسْمِه، واتِّصالِ نَسَبِه، وغيرِ ذلك، كما يتَعلَّقُ بالذَّكَرِ؛ فاحْتيجَ في ذلك إلى الصَّبرِ والإخْلاصِ مِن المُنفِقِ عليهِنَّ معَ حُسنِ النِّيَّةِ؛ فعظُمَ الأجْرُ، وكان ذلك سَببًا للنَّجاةِ مِن النَّارِ.
وفي الحَديثِ: بَيانُ فَضلِ الإنْفاقِ على العيالِ، ولا سيَّما البَناتُ.
وفيه: الوَصيَّةُ بالبَناتِ معَ الإحْسانِ إليهِنَّ، والوَعدُ على ذلك بالنَّجاةِ منَ النَّارِ.
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها