الموسوعة الحديثية


- دخَلَتِ امْرأةُ عُثمانَ بنِ مَظْعونٍ -أحسَبُ اسْمَها خَوْلةَ بِنتَ حَكيمٍ- على عائِشةَ وهي باذَّةُ الهَيئَةِ، فسألَتْها: ما شَأنُكِ؟ فقالَتْ: زَوْجي يَقومُ الليلَ، ويصومُ النهارَ، فدخَلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فذكَرَتْ عائِشةُ ذلك له، فلقِيَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عُثمانَ فقال: يا عُثمانُ، إنَّ الرَّهْبانيَّةَ لم تُكتَبْ علينا، أفَما لكَ فيَّ أُسوَةٌ، فواللهِ إنِّي أخْشاكُم للهِ، وأحفَظُكُم لحُدودِه.
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
الراوي : عروة بن الزبير | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 25893
| التخريج : أخرجه أبو داود (1369) بنحوه، وأحمد (25893) واللفظ له
التصنيف الموضوعي: اعتصام بالسنة - لزوم السنة فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - خشيته لله وتقواه نكاح - حق المرأة على الزوج صلاة - النهي عن التكلف والمشقة في العبادة علم - الحث على الأخذ بالسنة
|أصول الحديث
راعتِ الشَّريعةُ الإسْلاميَّةُ حاجاتِ النَّفْسِ بما يَتوافَقُ مع طَلَبِ الآخِرةِ مِن غَيرِ إجْحافٍ ولا إفْراطٍ، ولذا نَهى النَّبيُّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم عنِ التَّبتُّلِوالانْقِطاعِ عنِ الدُّنيا.
وفي هذا الحَديثِ بَيانٌ لبَعضِ هذه المَعاني؛ فقدْ دخَلَت خَوْلةُ بنتُ حَكيمٍ رَضيَ اللهُ عنها امْرأةُ عُثمانَ بنِ مَظْعونٍ رَضيَ اللهُ عنه على عائشةَ رَضيَ اللهُ عنها في بيْتِها، وكانت خَوْلةُ رَضيَ اللهُ عنها «باذَّةَ الهَيئةِ»، أي: غيرَ مُتزيِّنةٍ، وعليها مَلابسُ رثَّةٌ على غَيرِ عادةِ النِّساءِ المُتزوِّجاتِ اللَّائي يَتجمَّلْنَ لأزواجِهِنَّ، فسَألَتْها عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها عن سَببِ حالتِها هذه، فأخبَرَتْها أنَّ زَوجَها عُثمانَ بنَ مَظْعونٍ رضِيَ اللهُ عنه يَقومُ اللَّيلَ مُصلِّيًا، ويَصومُ النَّهارَ كلَّه، وهذا يدُلُّ على أنَّه لم يكُنْ يَهتَمُّ بأُمورِ الزَّوجيَّةِ كما يَنبَغي، حتَّى ذَهِلَتْ زَوجتُه عن نفْسِها، وترَكَتِ الزِّينةَ، فدَخَل النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على عائشةَ رَضيَ اللهُ عنها، فذكَرَت له أمْرَ عُثمانَ بنِ مَظْعونٍ رَضيَ اللهُ عنه مِنَ التَّبتُّلِ والانقِطاعِ للعِبادةِ، وما كان مِن حالِ زَوجتِه خَوْلةَ بنتِ حَكيمٍ، فلَقيَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عُثمانَ رَضيَ اللهُ عنه  وأخبَرَه أنَّ الرَّهبانيَّةَ، والانقِطاعَ إلى العِبادةِ، وتَرْكَ أُمورِ الدُّنيا؛ لم يَفرِضْها اللهُ على المُسلِمينَ، ثمَّ بيَّن لعُثمانَ أنَّه يَنبَغي أنْ يَتأسَّى بنَبيِّه، ويَأخُذَ منه القُدوةَ فيَفعَلَ مِثلَه، فيُراعيَ حقَّ اللهِ وحقَّ نفْسِه، ويُمارِسَ الحياةَ بما فيه صَلاحُ الدُّنيا والآخِرةِ، ومِن ذلك أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَتزَوَّجُ النِّساءَ، ويُفْضي إليهِنَّ، ويَقْضي لهُنَّ حَقَّهنَّ في عَفافِ الفَرْجِ، ولم يَمتَنِعْ عنِ النِّساءِ، وكان يَقومُ مِن اللَّيلِ ويَنامُ، ويَأكُلُ ما رزَقَه اللهُ مِن الطَّعامِ، فيَقْضي بذلك حقَّ جَسدِه مِن الأكْلِ ليَتقوَّى على الحياةِ وعلى العِبادةِ، ثمَّ إنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَصومُ الفَريضةَ، ويَصومُ تَطوُّعًا، وكان بعْدَ ذلك يُفطِرُ ما شاء مِن الأيَّامِ، وهكذا كان يُناوِبُ بيْن كلِّ هذه الأفْعالِ دونَ إفْراطٍ ولا تَفْريطٍ.
يَفعَلُ كلُّ ذلك مع أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أكثَرُ النَّاسِ خَوفًا وخَشْيةً للهِ، وأكثَرُ النَّاسِ حِفظًا لحُدودِ اللهِ، فلا يَتعَدَّاها.
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها