جبَل اللهُ تعالَى الرِّجالَ على خِلقةٍ وطِباعٍ تَتَمايَزُ عن جِبِلَّةِ النِّساءِ وخِلقَتِهنَّ، وهذه خِلقةُ اللهِ، لا تَبديلَ لخِلْقَتِه تعالَى.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لعَن المُخَنَّثينَ مِن الرِّجالِ، واللَّعنُ هو الطَّردُ مِن رَحمةِ اللهِ، والمُرادُ بالمُخَنَّثينَ: الَّذين يَتشَبَّهونَ بالنِّساءِ، ويَتخَلَّقونَ بأخْلاقِهنَّ، ومنه ما كان خِلْقةً و جِبلَّةً جُبِلَ عليه، ومنه ما كان تَكلُّفًا وتَصنُّعًا، فإذا كان ذلك خِلْقةً في الإنْسانِ، فلا دَخْلَ له فيه، وإذا كان تَصنُّعًا وتَشَبُّهًا، وليس خِلْقةً فيه، فهذا هو المُحَرَّمُ الَّذي يُؤاخَذُ عليه الإنْسانُ، ولعَنَ أيضًا النِّساءَ المُتشبِّهاتِ بالرِّجالِ في أفعالِهِم الخاصَّةِ بهمْ.
وأمَر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بإخْراجِ هذينِ النَّوعَينِ مِن بُيوتِ المُسلِمينَ، وإبْعادِهم، ونَفْيِهم، وقد أخرَجَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رجُلًا كان مُخنَّثًا، فنَفاهُ إلى النَّقيعِ، كما عندَ أبي داودَ، وأخرَجَ عُمَرُ رجُلًا آخَرَ إلى خارِجِ المَدينةِ؛ تَطْهيرًا لها مِن هذا الرِّجسِ والقَذَرِ.
ولإخْراجِ المُخنَّثِ والمُخنَّثاتِ مَعانٍ؛ أحدُها: أنَّه يُظَنُّ أنَّ الرَّجلَ المُخنَّثَ مِن غيرِ أُولي الإرْبةِ، فرُبَّما سُمِحَ له بالدُّخولِ على النِّساءِ، فيَقَعُ منه الشَّرُّ، وكذلك المَرأةُ المُترَجِّلةُ.
والثَّاني: أنَّ المُخنَّثَ قد يَصِفُ النِّساءَ ومَحاسنَهنَّ، وعَوْراتِهنَّ بحَضْرةِ الرِّجالِ، وقد نُهيَ أنْ تَصِفَ المَرأةُ المَرأةَ لزَوجِها؛ فكيف إذا وصَفَها الرُّجلُ للرِّجالِ؟!