الموسوعة الحديثية


- أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذُكِر له صومي فدخَل علَيَّ وألقَيْتُ وسادةً مِن أَدَمٍ حشوُها ليفٌ فجلَس على الأرضِ وصارتِ الوسادةُ فيما بيني وبينَه فقال: ( أمَا يكفيك مِن كلِّ شهرٍ ثلاثٌ ) ؟ قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ قال: ( خمسٌ ) قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ قال: ( سبعٌ ) قُلْتُ يا رسولَ اللهِ قال: ( تِسعٌ ) قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ قال: ( إحدى عشْرةَ ) قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ قال: ( لا صومَ فوقَ صومِ داودَ، شَطْرُ الدَّهرِ، صيامُ يومٍ وإفطارُ يومٍ )
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم
الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان | الصفحة أو الرقم : 3640
| التخريج : أخرجه البخاري (6277)، ومسلم (1159) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: آداب المجلس - من ألقي له وسادة صيام - صيام الدهر صيام - صيام داود صيام - فضل الصيام صيام - صيام التطوع
|أصول الحديث
كان عبدُ اللهِ بنُ عَمرِو بنِ العاصِ رَضيَ اللهُ عنهما يَسرُدُ الصَّومَ، ولا يُفطِرُ، وكان يَرغَبُ أنْ يَصومَ العامَ كلَّه دونَ انقِطاعٍ، ولكنَّ أباهُ عَمرَو بنَ العاصِ رَضيَ اللهُ عنه ذكَر للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما يَفعَلُه ابنُه عبدُ اللهِ رَضيَ اللهُ عنه.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عَمرٍو رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جاء إلى بَيتِه، فدَخَل عليه، فوضَعَ عبدُ اللهِ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وِسادةً مِن «أَدَمٍ»؛ أي: مِن الجِلدِ المَحْشوِّ بلِيفِ النَّخلِ؛ ليَجلِسَ عليها إكْرامًا له صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولكنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جلَسَ على الأرضِ تَواضُعًا، وصارتِ الوِسادةُ بيْنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وبيْنَ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنه، ثمَّ كلَّم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عبدَ اللهِ في أمْرِ سَردِه للصِّيامِ، فتَدرَّجَ معه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن صَيامِ ثَلاثةِ أيَّامٍ في الشَّهرِ إلى صِيامِ يومٍ وتَرْكِ يومٍ؛ لأنَّ عبدَ اللهِ كان يَرى في نفْسِه القوَّةَ، وأنَّه قادِرٌ على الصَّومِ أكثَرَ مِن ذلك، وظلَّ يُراجِعُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في ذلك حتَّى أوقَفَه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقال له: «لا صَومَ فوقَ صَومِ داودَ؛ شَطرُ الدَّهرِ: صِيامُ يومٍ، وإفْطارُ يومٍ»، وهذا كِنايةٌ عن تَرْغيبِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم فيه، وهو مِن أحَبِّ الصِّيامِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ، كما جاء في الصَّحيحَينِ عن عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العاصِ رضِيَ اللهُ عنهما: «أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال له: أحَبُّ الصَّلاةِ إلى اللهِ صَلاةُ داودَ عليه السَّلامُ، وأحَبُّ الصِّيامِ إلى اللهِ صِيامُ داودَ، وكان يَنامُ نِصفَ اللَّيلِ، ويَقومُ ثُلُثَه، ويَنامُ سُدُسَه، ويَصومُ يومًا، ويُفطِرُ يَومًا»؛ فليس صَومُه مُستمِرًّا ولا فِطْرُه مُستَمِرًّا، بلْ فيه تَناوُبٌ بيْن الإفْطارِ والصِّيامِ، فيُرْضي ربَّه، ويُبْقي على جَسدِه، ويُؤدِّي حُقوقَ العِبادِ عليه، كالزَّوجةِ والأهلِ.
وفي الحَديثِ: الاقتِصادُ في بَعْضِ عِباداتِ التَّطوُّعِ والنَّافِلةِ؛ ليَتَبَقَّى بَعضُ القوَّةِ لغَيرِها.
وفيه: بَيانُ رِفقِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأُمَّتِه، وشَفَقَتِه عليهم، وإرشادِه إيَّاهُم إلى ما يُصلِحُهم، وحَثِّه إيَّاهم على ما يُطيقونَ الدَّوامَ عليه.
وفيه: إرشادٌ إلى الابتِعادِ عنِ التَّعمُّقِ في العِبادةِ؛ لِما يُخْشى مِن إفْضائِه إلى المَلَلِ، أو تَرْكِ البَعضِ منها.
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها