الموسوعة الحديثية


- حَمَلَنا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على إبِلٍ مِن إبِلِ الصَّدَقةِ لِلحَجِّ، فقُلْنا: يا رَسولَ اللهِ، ما نَرى أنْ تَحمِلَنا هذه؟ فقالَ: ما مِن بَعيرٍ إلَّا في ذِروَتِه شَيطانٌ، فاذكُروا اسمَ اللهِ عزَّ وجلَّ إذا رَكِبتُموها كما أمَرَكمُ اللهُ، ثم امتَهِنوها لِأنْفُسِكم، فإنَّما يَحمِلُ اللهُ عزَّ وجلَّ.
خلاصة حكم المحدث : [إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما]
الراوي : أبو لاس الخزاعي | المحدث : المنذري | المصدر : الترغيب والترهيب | الصفحة أو الرقم : 4/110
| التخريج : أخرجه أحمد (17967)، وابن خزيمة (2377)، والطبراني (22/334) (837) باختلاف يسير.
التصنيف الموضوعي: أدعية وأذكار - الذكر عند ركوب الدابة حج - إعطاء الإمام الحاج إبل الصدقة ليحجوا عليها آداب المجلس - ما جاء أن على كل ذروة بعير شيطانا إيمان - أعمال الجن والشياطين زكاة - الحمل على إبل الصدقة
|أصول الحديث
بيَّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأُمَّتِه الآدابَ الَّتي هي سَببٌ للسَّلامةِ مِن إيذاءِ الشَّيطانِ، ومِن هذه الآدابِ ما ورَد في هذا الحَديثِ، حيثُ يَرْوي أبو لاسٍ الخُزاعيُّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أعْطاهم جِمالًا ليَرْكَبوها في سَفرِهم للحَجِّ، وكانت مِن إبِلِ الصَّدَقةِ الَّتي يَأخُذُها مِن زَكَواتِ النَّاسِ أهلِ الإبِلِ، ثمَّ يُوزِّعُها على الفُقَراءِ، ويَستَعمِلُها في الجِهادِ وغيرِ ذلك، ولكنَّها كانتْ إبلًا ضَعيفةً، كما بيَّنَت رِوايةُ أحمَدَ؛ ولذلك قالوا: «يا رسولَ اللهِ، ما نَرى أنْ تَحمِلَنا هذه؟» فهي لا تَستَطيعُ تَحمُّلَ مَشاقِّ السَّفرِ إلى الحجِّ مِن المَدينةِ إلى مكَّةَ، فقال لهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «ما مِن بَعيرٍ إلَّا في ذُرْوَتِه شَيْطانٌ»، والذُّرْوةُ هي أعْلى سَنامِ الجَمَلِ، والمَعنى: أنَّ فوقَ كلِّ جَملٍ شَيطانًا، ويَحتَمِلُ المُرادُ: أنَّ فيها صِفةً شَيْطانيَّةً مِن النُّفورِ والشُّرودِ، ثمَّ علَّمَهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَذْكُروا اللهَ عندَ رُكوبِ هذه الدَّوابِّ، كما قال اللهُ سُبحانَه: {وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ * لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} [الزخرف: 12-14] ؛ فعلى الإنْسانِ أنْ يَتذكَّرَ نِعمةَ هذه الأنْعامِ الَّتي رزَقَه اللهُ إيَّاها؛ بأنْ يَذكُرَ اللهَ ويقولَ عندَ رُكوبِها: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ}؛ فإنَّ اللهَ هو الَّذي يُذلِّلُها للرُّكوبِ ويُخضِعُها لكم.
ثمَّ أرْشدَهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأمَرَهم أنْ يَمتَهِنوا هذه الجِمالَ، أي: يَجعَلوها في أعْمالِهم ومِهَنِهم وخِدمتِهم؛ حتَّى تَذِلَّ وتَلِينَ لهم، فكأنَّه قال: واذْكُروا اسمَ اللهِ عندَ رُكوبِها؛ فإنَّه الَّذي يَحمِلُكم عليها رغمَ ما فيها مِن كِبرٍ ونُفورٍ، وسَكِّنوا هذا الكِبرَ والنُّفورَ بالرُّكوبِ المَقرونِ بذِكرِ اللهِ المُنفِّرِ للشَّيطانِ؛ لأنَّه «إنَّما يَحمِلُ اللهُ تعالَى»، أي: فمَن رَكِبَ عليها فلا يُعجَبْ بنَفْسِه ويَتكبَّرْ، ولا يظُنَّ أنَّه أخضَعَ هذه الإبلَ لنَفْسِه؛ لأنَّ الحامِلَ الذي يسَّرَ له الرُّكوبَ هو اللهُ عزَّ وجلَّ؛ إذ كيف يُمكِنُه الرُّكوبُ ومُزاحَمةُ الشَّيطانِ لولا أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ هو الَّذي يسَّرَ له ذلك؟!
وفي الحَديثِ: بَيانُ قُدرةِ اللهِ على تَسخيرِ الدَّوابِّ وجَميعِ المَخْلوقاتِ لمَن يَشاءُ مِن خَلْقِه.
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها