الموسوعة الحديثية


-  أَيُّما رَجُلٍ قالَ لأخِيهِ: يا كافِرُ، فقَدْ باءَ بها أحَدُهُما.
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 6104 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] | التخريج : أخرجه مسلم (60) باختلاف يسير
الإقدامُ على تَكفيرِ النَّاسِ أو تَفسيقِهم دُونَ بيِّنةٍ أمرٌ عظيمٌ؛ فهذا أمرٌ ليس بمَتروكٍ لآحادِ النَّاسِ، بلْ على المسلمِ التَّأنِّي وعدَمُ إصدارِ الأحكامِ، والْتِماسُ العُذرِ وحُسنُ الظنِّ بغيرهِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «أيُّما رجلٍ قالَ لأخيهِ: يا كافِرُ»، أي: ناداهُ بالكُفرِ، وحكَم عليهِ بذلكَ، «فقدْ باءَ بها أحدُهما»، أي: رَجعَ بتَحمُّلِ هذا الوصفِ أحدُهما، فإنْ كانَ مَن نُوديَ بذلك كافرًا، فقدْ صَحَّ وصَفُهُ بذلكَ، وإنْ كانَ هذا الحكمُ مِن تَجاوُزِ القائلِ رجَعَ إليهِ، كأنَّه نادَى على نفْسهِ بالكُفرِ لتَكفيرهِ المسلِمَ الذي هو مِثلُه، وقيلَ: هذا الفعلُ يَستدْرِجُه للكُفرِ بعْدَ ذلكَ.
قيل: إنَّ المقولَ له إن كان كافِرًا كُفرًا شَرعيًّا فقد صَدَق القائِلُ، وذهب بها المقولُ له، وإن لم يكُنْ رجعت للقائِلِ مَعَرَّةُ ذلك القَولِ وإثمُه.
وهذا يعني أنَّه إن كان المتَّهَمُ مَوصوفًا بذلك، فلا يرتَدُّ شيءٌ إلى المدَّعي؛ لكونِه صَدَق فيما قاله، فإن قَصَد بذلك تعييرَه وشُهرتَه بذلك وأذاه، حَرُم عليه؛ لأنَّه مأمورٌ بسَتْرِه وتعليمِه ومَوعِظَتِه بالحُسنى، فمهما أمكنَه ذلك بالرِّفقِ حَرُم عليه فِعْلُه بالعُنفِ؛ لأنَّه قد يكونُ سببًا لإغوائِه وإصرارِه على ذلك الفِعلِ، كما في طَبعِ كثيرٍ مِنَ النَّاسِ من الأَنَفَةِ، لا سِيَّما إن كان الآمِرُ دونَ المأمورِ في الدَّرَجةِ، فإن قَصَد نُصْحَه أو نُصْحَ غيرِه ببيانِ حالِه، جاز له ذلك.
وفي الحَديثِ: الزَّجرُ والتَّحذيرُ مِن رَمْيِ النَّاسِ بالكُفرِ.
وفيه: أنَّ وَصْفَ الغَيرِ بالكفرِ يَرْتدُّ على قائلهِ إنْ لم يكُنْ صادِقًا.