الموسوعة الحديثية


-  ذُكِرَ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم امْرَأَةٌ مِنَ العَرَبِ، فأمَرَ أبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِيَّ أنْ يُرْسِلَ إلَيْهَا، فأرْسَلَ إلَيْهَا فَقَدِمَتْ، فَنَزَلَتْ في أُجُمِ بَنِي سَاعِدَةَ، فَخَرَجَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى جَاءَهَا، فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَإِذَا امْرَأَةٌ مُنَكِّسَةٌ رَأْسَهَا، فَلَمَّا كَلَّمَهَا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَالَتْ: أعُوذُ باللَّهِ مِنْكَ، فَقَالَ: قدْ أعَذْتُكِ مِنِّي. فَقالوا لَهَا: أتَدْرِينَ مَن هذا؟ قَالَتْ: لَا، قالوا: هذا رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جَاءَ لِيَخْطُبَكِ، قَالَتْ: كُنْتُ أنَا أشْقَى مِن ذلكَ، فأقْبَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَومَئذٍ حتَّى جَلَسَ في سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ هو وأَصْحَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: اسْقِنَا يا سَهْلُ. فَخَرَجْتُ لهمْ بهذا القَدَحِ فأسْقَيْتُهُمْ فِيهِ، فأخْرَجَ لَنَا سَهْلٌ ذلكَ القَدَحَ فَشَرِبْنَا منه. قَالَ: ثُمَّ اسْتَوْهَبَهُ عُمَرُ بنُ عبدِ العَزِيزِ بَعْدَ ذلكَ فَوَهَبَهُ له.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : سهل بن سعد الساعدي | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 5637
| التخريج : أخرجه مسلم (2007)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (6/ 145) (5792)، وأبو عوانة في ((المستخرج)) (8569) جميعا بلفظه.
التصنيف الموضوعي: أشربة - الشرب من قدح النبي وآنيته أشربة - النبيذ توحيد - الاستعاذة بالله رقائق وزهد - الحياء اعتصام بالسنة - أوامر النبي ونواهيه وتقريراته
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم برًّا رحيمًا، سَمْحًا كريمًا، طَيِّبَ المَعشَرِ، وقد عَلَّمَنا بقَولِه وفِعْلِه ما من شأنِه أن يُديمَ الوُدَّ والمحبَّةَ بيْن جميعِ النَّاسِ، لا سِيَّما بين الزَّوجِ ومن يختارُها زَوجةً له.
وفي هذا الحَديثِ يروي سَهلُ بنُ سعدٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذُكِرَت له امرأةٌ مِن العرَبِ ليَتزوَّجَها -وهي الجَونيَّةُ، قيل اسمُها: أُمَيمةُ- فأمَرَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أبا أُسَيدٍ مالِكَ بنَ رَبيعةَ السَّاعِديَّ رَضِيَ اللهُ عنه أن يُرسِلَ إليها، فأرسَل إليها أبو أُسَيدٍ من يأتي بها، فجاءت هذه المرأةُ إلى أُجُمِ بَني ساعدةَ، والأُجُمُ هو الحِصنُ أو القَصرُ، وهو مِن حُصونِ المدينةِ، فلمَّا جاءها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانت مُنكِّسةً، أي: خافِضةً رَأسَها إلى الأرضِ تنظُرُ ناحِيتَها، فلم ترَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ولم تَعرِفْه، فلمَّا دخَل صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قالت: أعوذُ باللهِ منكَ، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «قدْ أعَذْتُكِ منِّي» أي: إنَّه صرَفَ نظَرَه عنِ التَّزوُّجِ منها؛ لاستعاذتِها منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. فلمَّا قيل لها: إنَّه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد جاء لِيَخطُبَك -وكانت لا تعرِفُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- قالت: كنتُ أنا أشقى مِن ذلك، يعني: إنَّها لحِقَها الشَّقاءُ لَمَّا فاتها التَّزوُّجُ بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
فلمَّا خرَجَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وجلَسَ في سَقِيفةِ بَني ساعدةَ، وهو الموضعُ الَّذي بُويِع فيه لأبي بكرٍ بالخلافةِ بعْدَ مَوتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال لسَهْلٍ رضِيَ اللهُ عنه: «اسقِنا يا سهلُ»، أراد التَّبسُّطَ معه بذلك وأنْ يَستدعيَ ما عنده مِن شَرابٍ وطعامٍ، وهذا لا خِلافَ في استحبابِه إذا كان الصَّدِيقُ طيِّبَ النَّفْسِ وعُلِم مِن حالِه ذلك.
قال أبو حازمٍ -أحَدُ رُواةِ الحَديثِ-: فجاء سَهْلٌ بالقدَحِ الذي شَرِبَ منه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأخرجه لهم، فشَرِبوا منه تبركًا بما شرب منه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلمَّا كان عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ رضِيَ الله عنه واليًا على المدينةِ، طلَبه مِن سَهْلٍ رضِيَ اللهُ عنه، فأعطاه له وخَصَّه به. وهذا إن كان ليس بواجِبٍ ولا لازمٍ، وإنما يُحمَلُ على فَرطِ المحبَّةِ في النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والاغتباطِ بمُوافَقَتِه.
وفي الحَديثِ: الشُّربُ مِن قَدَحِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وآنيتِه تَبرُّكًا به، وحِرصًا على اقتفاءِ آثارِه.
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها