الموسوعة الحديثية


- إنَّ رَجُلًا كانَ فِيمَن كانَ قَبْلَكُمْ، أتاهُ المَلَكُ لِيَقْبِضَ رُوحَهُ، فقِيلَ له: هلْ عَمِلْتَ مِن خَيْرٍ؟ قالَ: ما أعْلَمُ، قيلَ له: انْظُرْ، قالَ: ما أعْلَمُ شيئًا، غيرَ أنِّي كُنْتُ أُبايِعُ النَّاسَ في الدُّنْيا وأُجازِيهِمْ، فَأُنْظِرُ المُوسِرَ، وأَتَجاوَزُ عَنِ المُعْسِرِ، فأدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ.
الراوي : حذيفة بن اليمان [وأبو مسعود الأنصاري] | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 3451 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الإحْسانُ إلى النَّاسِ، والعَفْوُ عنهم، والتَّجاوُزُ عن مُعْسِرِهِم؛ مِن مَكارِمِ الشَّريعةِ الإسْلاميَّةِ ومَحاسِنِها، ومِن أعْظَمِ أسْبابِ نَجاةِ العبدِ يَومَ القِيامةِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ رجُلًا فيمَن سَبَقَنا مِن الأُمَمِ، أتاهُ مَلَكُ الموتِ ليَقبِضَ رُوحَه، فلمَّا قُبِضَ وبُعِثَ للحسابِ، قيلَ له: هَلْ عَمِلتَ مِن خَيْرٍ؟ فقالَ الرَّجلُ: ما أعْلَمُ. قيلَ له: انْظُرْ، أي: في عَمَلِك؛ لعلَّ لك عمَلًا صالحًا يُنجِّيك. فقالَ الرَّجلُ: ما أعْلَمُ شَيْئًا، إلَّا أنِّي كُنْتُ أُبايِعُ النَّاسَ في الدُّنْيا، «فَأُجازيهم»، أي: أتَقاضى وآخُذُ منهم وأُعْطِيهم. «فَأُنظِرُ الموسِرَ»، أي: أُمْهِله وقْتًا للسَّدادِ، «وأتَجاوَزُ»، أي: أتَسامَحُ عَن المُعْسِرِ، وهو غيرُ المستطيعِ، فيَضَعُ عنه ما عليه ويَترُكُه له، فأدْخَلَه اللهُ سُبحانَه الجَنَّةَ، فتَجاوَزَ اللهُ عزَّ وجلَّ عنه كما كان يَتجاوَزُ عن النَّاسِ، كما في رِوايةٍ أُخرى لمسلمٍ في صَحيحِه قال: «فقال اللهُ: أنا أحقُّ بِذا منكَ، تَجاوَزوا عن عَبْدي».
وفي الحديثِ: أنَّ اليَسيرَ مِنَ الحَسَنَاتِ إذا كان خالِصًا للهِ كفَّر كثيرًا مِن السَّيِّئاتِ.
وفيه: عِظَمُ ثَوابِ مَن أخَّرَ مُطالَبةَ المُعْسِرِ، أو وَضَعَ دَيْنَه.
وفيه: التَّربيةُ بالقصَّةِ، والاعتبارُ بأحوالِ السَّابقينَ.