الموسوعة الحديثية


-  عَنْ جَرِيرٍ، قالَ: كُنْتُ باليَمَنِ، فَلَقِيتُ رَجُلَيْنِ مِن أهْلِ اليَمَنِ: ذَا كَلَاعٍ وذَا عَمْرٍو، فَجَعَلْتُ أُحَدِّثُهُمْ عن رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ له ذُو عَمْرٍو: لَئِنْ كانَ الذي تَذْكُرُ مِن أمْرِ صَاحِبِكَ، لقَدْ مَرَّ علَى أجَلِهِ مُنْذُ ثَلَاثٍ، وأَقْبَلَا مَعِي، حتَّى إذَا كُنَّا في بَعْضِ الطَّرِيقِ، رُفِعَ لَنَا رَكْبٌ مِن قِبَلِ المَدِينَةِ، فَسَأَلْنَاهُمْ، فَقالوا: قُبِضَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، واسْتُخْلِفَ أبو بَكْرٍ، والنَّاسُ صَالِحُونَ، فَقالَا: أخْبِرْ صَاحِبَكَ أنَّا قدْ جِئْنَا، ولَعَلَّنَا سَنَعُودُ إنْ شَاءَ اللَّهُ، ورَجَعَا إلى اليَمَنِ، فأخْبَرْتُ أبَا بَكْرٍ بحَديثِهِمْ، قالَ: أفلا جِئْتَ بهِمْ، فَلَمَّا كانَ بَعْدُ قالَ لي ذُو عَمْرٍو: يا جَرِيرُ، إنَّ بكَ عَلَيَّ كَرَامَةً، وإنِّي مُخْبِرُكَ خَبَرًا: إنَّكُمْ مَعْشَرَ العَرَبِ، لَنْ تَزَالُوا بخَيْرٍ ما كُنْتُمْ إذَا هَلَكَ أمِيرٌ تَأَمَّرْتُمْ في آخَرَ، فَإِذَا كَانَتْ بالسَّيْفِ كَانُوا مُلُوكًا؛ يَغْضَبُونَ غَضَبَ المُلُوكِ، ويَرْضَوْنَ رِضَا المُلُوكِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : جرير بن عبدالله | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 4359
| التخريج : أخرجه أحمد (19224)، وابن أبي شيبة (38178)، والبيهقي في ((دلائل النبوة)) (7/ 270) واللفظ لهم.
التصنيف الموضوعي: إمامة وخلافة - الاستخلاف إمامة وخلافة - خيار الأئمة وشرارهم فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - مرض النبي وموته مناقب وفضائل - أبو بكر الصديق مناقب وفضائل - فضائل العرب
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُرسِلُ الصَّحابةَ رَضيَ اللهُ عنهم إلى القَبائلِ، وإلى قادةِ النَّاسِ ووُجَهائِهم لدَعْوَتِهم إلى الإسْلامِ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ جَريرُ بنُ عبدِ اللهِ البَجَليُّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه عندَما كان في اليَمَنِ، وهي البِلادُ المَعْروفةُ في أقْصى جَنوبِ الجَزيرةِ العَربيَّةِ على البَحرِ الأحمَرِ، لَقيَ رَجلَيْنِ هما ذُو كَلاعٍ، واسمُه: أَسْمَيْفَعُ، ويُقالُ: أيْفَعُ بنُ باكوراءَ. وذُو عَمْرٍو، قيلَ: هو أحَدُ مُلوكِ اليمَنِ.
ويَحْكي جَريرٌ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه لمَّا لَقِيَهما أخَذَ يُحدِّثُهما عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فردَّ عليه ذُو عَمْرٍو بأنَّه ما دُمتَ قدْ أخبَرْتَني بحالِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأنا أُخبِرُكَ أنَّه مات منذُ ثَلاثةِ أيَّامٍ، ومَعرِفةُ ذِي عَمْرٍو بوَفاتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إمَّا بطَريقِ الكِهانةِ، أو أنَّه كان مِن المُحَدَّثينَ، أو بسَماعٍ مِن بَعضِ القادِمينَ سِرًّا.
ثمَّ اتَّجَها معَ جَريرٍ رَضيَ اللهُ عنه إلى المَدينةِ، فقابَلَا أُناسًا مُسافِرينَ قادِمينَ مِن جِهةِ المَدينةِ، فسَأَلوهم عنِ الأخْبارِ، فأخْبَروهم أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مات، واستُخْلِفَ أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه خَليفةً على النَّاسِ بعْدَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، والنَّاسُ صالِحونَ، أي: راضونَ بمَنِ استُخلِفَ عليهم، مُستَقيمونَ على بَيعَتِهم، وأمْرُهم ثابتٌ ومُستقِرٌّ. فلمَّا سَمِعَا بالخَبَرِ قال الاثْنانِ -ذو كَلَاعٍ، وذو عَمْرٍو- لجَريرٍ رَضيَ اللهُ عنه: أخبِرْ صاحِبَكَ -أي: أبا بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه- أنَّا قد جِئْنا، ولَعَلَّنا سَنَعودُ إنْ شاء اللهُ مرَّةً أُخْرى للذَّهابِ إلى المَدينةِ.
فلمَّا رجَع جَريرٌ إلى المَدينةِ أخْبَرَ أبا بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه بما دارَ بينَهم، فتَمنَّى أنْ لو كان جَريرٌ أتى بهما إلى المَدينةِ، وبعْدَ مدَّةٍ في خِلافةِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه قابَلَ جَريرٌ رَضيَ اللهُ عنه ذَا عَمْرٍو، وقدْ كان هاجَرَ إلى المَدينةِ، فقال له ذو عَمْرٍو: يا جَريرُ، إنَّ بكَ علَيَّ كَرامةً، أي: لكَ فَضلٌ علَيَّ، وإنِّي مُخبِرُكَ خَبرًا: إنَّكم مَعشَرَ العَرَبِ لن تَزالوا بخَيرٍ ما كُنتم إذا هلَكَ أميرٌ تَأمَّرْتُم في آخَرَ، أي: تَشاوَرْتُم في تَوْلِيةِ أميرٍ آخَرَ عليكم عن رِضًا منكم، أو عَهدٍ مِن الأميرِ السَّابقِ، فإذا كانتِ الإمارةُ بالسَّيفِ والقَهرِ والغَلَبةِ، نُزِعَت عنهم صِفةُ الخِلافةِ، وكانوا مُلوكًا؛ يَغضَبونَ غضَبَ المُلوكِ، ويَرضَوْنَ رِضا المُلوكِ، وهذا الكَلامُ منه يدُلُّ على أنَّ ذا عَمْرٍو له اطِّلاعٌ على الأخْبارِ مِن الكُتبِ القَديمةِ؛ لأنَّه يُوافِقُ قَولَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «الخِلافةُ بَعْدي ثَلاثونَ سَنةً، ثمَّ تَكونُ مُلكًا»، رَواه أبو داودَ، وابنُ حِبَّانَ، ويُحتَمَلُ أنْ يكونَ كَلامُه مُستَنتَجًا مِن جِهةِ الخِبْرةِ والتَّجرِبةِ .
وفي الحَديثِ: فَضلُ جَريرِ بنِ عبدِ اللهِ البَجَليِّ رَضيَ اللهُ عنه.
وفيه: فَضيلةُ الشُّورى في تَوَلِّي أُمورِ المُسلِمينَ، وفي كلِّ أمرٍ ذي بالٍ.
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها