الموسوعة الحديثية


-  جَاءَ جِبْرِيلُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: ما تَعُدُّونَ أهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ؟ قالَ: مِن أفْضَلِ المُسْلِمِينَ -أوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا- قالَ: وكَذلكَ مَن شَهِدَ بَدْرًا مِنَ المَلَائِكَةِ. وعَنْ مُعَاذِ بنِ رِفَاعَةَ بنِ رَافِعٍ، وكانَ رِفَاعَةُ مِن أهْلِ بَدْرٍ، وكانَ رَافِعٌ مِن أهْلِ العَقَبَةِ، فَكانَ يقولُ لِابْنِهِ: ما يَسُرُّنِي أنِّي شَهِدْتُ بَدْرًا بالعَقَبَةِ. قالَ: سَأَلَ جِبْرِيلُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بهذا.  [وفي روايةٍ]: أنَّ مَلَكًا سَأَلَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ... نَحْوَهُ.
الراوي : رفاعة بن رافع | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 3992 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
اصْطَفى اللهُ سُبحانَه وتعالَى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن سائِرِ النَّبيِّينَ، واصْطَفى له صَحابَتَه مِن سائرِ الخَلْقِ عَدا الأنْبياءِ، وكذلك اصْطَفى أهلَ بَدرٍ، ووعَدَهم بمَغفِرَتِه، وواسِعِ رَحمَتِه.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ الصَّحابيُّ رِفاعةُ بنُ رافعٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ جِبْريلَ عليه السَّلامُ -وهو الملَكُ الموَكَّلُ بالوَحْيِ- جاء إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فسَأَلَه: «ما تَعُدُّونَ أهلَ بَدرٍ فيكم؟» مِن حيثُ المَنزِلةُ والفَضلُ والشَّرفُ، فأجابَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّا نَعُدُّهم مِن أفضَلِ المُسلِمينَ، أو هُم أفضَلُ المُسلِمينَ، فرَدَّ عليه جِبْريلُ عليه السَّلامُ مؤَكِّدًا كَلامَه بأنَّ الأمرَ كذلك في المَلائكةِ، فمَن شهِدَ بَدرًا منهم يُعَدُّونَ مِن أفضَلِ المَلائكةِ، أو أفْضَلَهم.
وكانتْ غَزْوةُ بَدرٍ يَومَ الجُمُعةِ لسَبْعَ عَشْرةَ خَلَتْ مِن رَمَضانَ في السَّنةِ الثَّانيةِ مِن الهِجْرةِ، بيْن المُسلِمينَ ومُشْركي مكَّةَ، وكتَب اللهُ النَّصرَ فيها للمُسلِمينَ، وكان عدَدُ مَن شهِدَها مِن أصْحابِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثَلاثَ مِئةٍ وبِضْعةَ عَشَرَ رَجلًا.
وفي رِوايةٍ: أنَّ رِفاعةَ بنَ رافِعٍ رَضيَ اللهُ عنهما كان قدْ شهِدَ بَدرًا، وأنَّ أباهُ رافِعًا رَضيَ اللهُ عنه شهِدَ بَيْعةَ العَقَبةِ، الَّتي كانت بمِنًى قبْلَ هِجرَتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فكان رافِعٌ رَضيَ اللهُ عنه يَقولُ لابنِه رِفاعةَ رَضيَ اللهُ عنه: «ما يَسُرُّني أنِّي شهِدْتُ بَدرًا بالعَقَبةِ»، أي: لو أنِّي شَهِدْتُ بَدرًا ولم أشْهَدِ العَقَبةَ، ما فَرِحتُ بذلك؛ وذلك لاعْتِقادِه أنَّ بَيْعةَ العَقَبةِ كانت أفضَلَ مِن غَزْوةِ بَدرٍ، والَّذي يَظهَرُ أنَّه لم يَسمَعْ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ التَّصريحَ بتَفْضيلِ أهلِ بَدرٍ على غَيرِهم، فقال ما قال باجْتِهادٍ منه رَضيَ اللهُ عنه، ولَعلَّه ظنَّ ذلك؛ لأنَّ العَقَبةَ كانت مَنْشأَ نُصْرةِ الإسْلامِ، وسَببَ الهِجْرةِ الَّتي نَشأَ منها الاسْتِعْدادُ للغَزَواتِ كلِّها، لكِنَّ الفَضلَ بيَدِ اللهِ يُؤْتيه مَن يَشاءُ.
وفي الحَديثِ: شُهودُ المَلائكةِ لغَزْوةِ بَدرٍ، وقِتالُهم معَ المُسلِمينَ.
وفيه: فَضيلةُ مَن شَهِد بَدرًا مِن أصْحابِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيه: تَفْضيلُ بَعضِ المَلائكةِ على بعضٍ.