الموسوعة الحديثية


- عن مُعاذِ بنِ جَبلٍ أنَّه إذْ حُضِرَ، قالَ: أدْخِلُوا عليَّ النَّاسَ، فأُدْخِلُوا عليه، فقالَ: إنِّي سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: مَن ماتَ لا يُشرِكُ باللهِ شيئًا، جعَلَهُ اللهُ في الجَنَّةِ. وما كُنتُ أُحَدِّثُكُموهُ إلَّا عندَ الموتِ، والشَّهيدُ على ذلك عُوَيمرٌ أبو الدَّرداءِ، فأَتَوْا أبا الدَّرداءِ، فقالَ: صدَقَ أخي، وما كانَ يُحدِّثُكم بهِ إلَّا عندَ موتِه.
خلاصة حكم المحدث : صحيح
الراوي : معاذ بن جبل | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 27547
| التخريج : أخرجه أحمد (27547) واللفظ له، وابن خزيمة في ((التوحيد)) (2/798)، والطبراني (20/49) (82) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: إسلام - فضل الإسلام إيمان - فضل الإيمان علم - كتم العلم إيمان - القطع بدخول أحد الجنة أو النار إيمان - من مات لا يشرك بالله شيئا
|أصول الحديث
شَهادةُ التَّوحيدِ فيها إقرارٌ لِلهِ سُبحانَه بالتَّفَرُّدِ في العُبوديَّةِ، ونَفيِ الشُّرَكاءِ معه، ولِتَوحيدِ اللهِ سُبحانَه وإفرادِه بالعِبادةِ فَضلٌ عَظيمٌ عِندَ الحَقِّ؛ فهو لُبُّ العِبادةِ التي خَلَقَ اللهُ الخَلقَ مِن أجْلِها، وقد جَعَلَ اللهُ جَزاءَ قَولِ هذه الشَّهادةِ بصِدقٍ النَّجاةَ مِنَ النارِ، ومِن عَذابِ يَومِ القيامةِ.وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التابِعيُّ أبو صالِحٍ السَّمَّانُ أنَّ الصَّحابيَّ مُعاذَ بنَ جَبَلٍ رَضيَ اللهُ عنه لَمَّا حَضَرَه المَوتُ أمَرَ مَن معه أنْ يُدخِلوا عليه الزائِرينَ له؛ لِتَودِيعِهم، فلَمَّا دَخَلوا عليه أخبَرَهم بحَديثِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَن ماتَ لا يُشرِكُ باللهِ شَيئًا، والمُرادُ به التَّوحيدُ الخالِصُ لِلهِ عَزَّ وجَلَّ، كان حَقًّا على اللهِ أنْ يُدخِلَه الجَنَّةَ حتى ولو دَخَلَ النارَ أوَّلًا؛ تَمحيصًا له مِنَ الذُّنوبِ؛ فإنَّه لا يَخلُدُ في النارِ، فقد قال تعالَى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} [النساء: 48] .ثم قال مُعاذٌ رَضيَ اللهُ عنه: "وما كُنتُ أُحَدِّثُكموه إلَّا عِندَ المَوتِ" أيْ أنَّه لم يَكُنْ لِيُحَدِّثَ بهذا الحَديثِ إلَّا مَخافةَ الوُقوعِ في إثْمِ كِتمانِ العِلْمِ، فيَموتَ وهو لم يُبَلِّغْ به مَن بَعدَه، وذلك أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان قد أمَرَه في رِوايةِ الصَّحيحَيْنِ ألَّا يُحَدِّثَ الناسَ به، فقال: "فقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، أفَلا أُبَشِّرُ به الناسَ؟ قال: لا تُبَشِّرْهم فيَتَّكِلوا"؛ فإنَّهم لو سَمِعوا هذه البِشارةَ اعتَمَدوا عليها وتَرَكوا الاجتِهادَ في العِبادةِ؛ ففَهِمَ مُعاذٌ رَضيَ اللهُ عنه مِن هذا النَّهيِ أنَّه ليس على الإطلاقِ، وأنَّه مُعَلَّلٌ بالخَوفِ مِنِ اتِّكالِ الناسِ، وكان هذا الظَّنُّ مُحتَمَلًا في الناسِ في أوَّلِ الإسلامِ، فلَمَّا زالَتِ العِلَّةُ وصارَ الإسلامُ قَويًّا في قُلوبِ أتباعِه، ومع اقتِرابِ مُعاذٍ مِنَ المَوتِ، أخبَرَ بالحَديثِ؛ حتى يَجِدَ الناسُ البُشرى التي تَرَكَها لهمُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.وأخبَرَ مُعاذٌ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ الصَّحابيَّ أبا الدَّرداءِ رَضيَ اللهُ عنه على عِلْمٍ بهذا الحَديثِ، وبسَبَبِ عَدَمِ التَّحديثِ به حتى قارَبَه المَوتُ، ولَمَّا ذَهَبَ الناسُ لِأبي الدَّرداءِ رَضيَ اللهُ عنه صَدَّقَ قَولَ مُعاذٍ رَضيَ اللهُ عنه، وأخبَرَهم أنَّه لم يَكُنْ لِيُحَدِّثَهم بذلك إلَّا عِندَ مَوتِه.
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها