الموسوعة الحديثية


- كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا أرادَ أنْ يُحرِمَ ادَّهَنَ بأطْيَبِ دُهنٍ يَجِدُه، حتى إنِّي لَأرى بَصيصَ الدُّهْنِ في شَعْرِه، ولقد كُنتُ أفْتِلُ قَلائِدَ الهَدْيِ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثم يَبعَثُ به فما يَعتَزِلُ منَّا امْرَأةً.
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 25991 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه النسائي (2700، 2778) مفرقا باختلاف يسير، وأخرجه البخاري (5566)، ومسلم (1321) مختصراً بنحوه
بَيَّنَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحكامَ الحَجِّ والعُمرةِ وسُنَنَهما وآدابَهما، بالقَولِ والفِعلِ، ونَقَلَ الصَّحابةُ ما سَمِعوه وما رَأوْه مِنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في ذلك، وقد كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحِبُّ الطِّيبَ ويَستَكثِرُ منه في كُلِّ حالٍ، وهو مِنَ الأُمورِ التي حُبِّبَتْ إليه مِنَ الدُّنيا. وفي هذا الحَديثِ تُخبِرُ أُمُّ المُؤمِنينَ عائِشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان إذا أرادَ الإحرامَ بالحَجِّ أوِ العُمرةِ، وقَبلَ أنْ يَلبَسَ الإحرامَ وَضَعَ مِنَ الطِّيبِ والرَّوائِحِ العَطِرةِ ما شاءَ، حتى تَرى عائِشةُ رَضيَ اللهُ عنها لَمَعانَ الطِّيبِ في شَعرِ رَأْسِه ولِحيَتِه، وهذا كِنايةٌ عنِ استِكثارِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن هذا الطِّيبِ، والمُرادُ مِن تَطَيُّبِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مع الإحرامِ أنَّه يَبقى به أثَرُ ذلك الطِّيبِ بَعدَ إحرامِه.ثم أخبَرَتْ عائِشةُ رَضيَ اللهُ عنها عن أمْرٍ آخَرَ، وهو أنَّها كانَتْ تَصنَعُ القَلائِدَ التي كانَتْ تُوضَعُ في رِقابِ الهَدْيِ لِرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فتَفتِلُها بضَمِّ خُيوطِها بَعضِها إلى بَعضٍ، ثم تُعلَّقُ هذه القَلائِدُ في أعناقِ الهَدْيِ، وهو اسمٌ لِمَا يُهدى ويُذبَحُ في الحَرَمِ مِنَ الإبِلِ والبَقَرِ والغَنَمِ والمَعزِ، ثم يُرسِلُها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى مَكَّةَ، ويُقيمُ في أهلِه حَلالًا، وهذا في غَيرِ السِّنينِ التي اعتَمَرَ أو حَجَّ فيها، وقَولُها: "فما يَعتَزِلُ مِنَّا امرأةً" هو كِنايةٌ عن وُقوعِ المُعاشَرةِ الزَّوجيَّةِ، والمَعنى: أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يَلتَزِمْ بما يَلتَزِمُ به المُحرِمُ إذا أرسَلَ الهَدْيَ فقط إلى البَيتِ الحَرامِ، ولم يَتلَبَّسْ بالنُّسُكِ.وفي الحَديثِ: مَشروعيَّةُ التَّطيُّبِ قَبلَ الإحرامِ، وإنْ بَقيَ أثَرُ الطِّيبِ بَعدَ الإحرامِ.وفيه: بَيانُ مَشروعيَّةِ إرسالِ المُسلِمِ الهَدْيَ إلى البَيتِ الحَرامِ على كُلِّ حالٍ، سواءٌ نَوى الحَجَّ أو لم يَنْوِه.