الموسوعة الحديثية


- عن هُزَيلٍ قال: قام حُذَيفةُ خَطيبًا في دارِ عامرِ بنِ حَنْظلةَ، فيها التَّميميُّ والمُضَريُّ، فقال: لَيَأتِيَنَّ على مُضَرَ يَومٌ لا يَدَعون للهِ عَبدًا يَعبُدُه إلَّا قَتَلوه، أو لَيُضرَبُنَّ ضَربًا، لا يَمنَعونَ ذَنَبَ تَلْعةٍ، أو أسفَلَ تَلْعةٍ، فقيلَ: يا أبا عبدِ اللهِ، تقولُ هذا لقَومِكَ- أو لقَومٍ أنتَ يعني منهم-؟ قال: لا أقولُ يعني: إلَّا ما سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ.
الراوي : حذيفة بن اليمان | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 23435 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه أحمد (23435) واللفظ له، والطيالسي (421)، والبزار (2797)
في هذا الحَديثِ خَطَبَ حُذَيفةُ بنُ اليَمانِ رَضيَ اللهُ عنهما في دارِ عامِرِ بنِ حَنظَلةَ، وكان فيها مَن يُنسَبُ لِقَبيلةِ تَميمٍ، وقَبيلةِ مُضَرَ، فقال: "لَيأتيَنَّ على مُضَرَ يَومٌ لا يَدَعونَ لِلهِ عَبدًا يَعبُدُه إلَّا قَتَلوه"، أي: أنَّهم سيَبلُغُ بهمُ الظُّلمُ والكُفرُ أنَّهم يُحارِبونَ دِينَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، فيَقتُلونَ ويُعَذِّبونَ مَن يَعبُدُ اللهَ، وخَرَّجَ عَبدُ الرَّزَّاقِ في كِتابِه بإسنادٍ صَحيحٍ عن حُذَيفةَ بنِ اليَمانِ قال: "إنَّ قَيسًا لا تَزالُ تَبغي دِينَ اللهِ شَرًّا حتى يَركَبَها اللهُ بمَلائِكةٍ؛ فلا يَمنَعوا ذَنَبَ تَلْعةٍ" فبَيَّنتْ هذه الرِّوايةُ أنَّهم سيَظلِمونَ الناسَ حتى يَبعَثَ اللهُ عليهم مَلائِكَتَه فتَضرِبَهم، فيَكونُ تَقديرُ الكَلامِ في هذه الرِّوايةِ: فإمَّا أنْ يَكُفُّوا ويَرتَدِعوا أو لَيُضرَبُنَّ ضَربًا" شَديدًا يُسَلِّطُه اللهُ عليهم، فيُضعِفُهم؛ فحينَئِذٍ "لا يَمنَعونَ ذَنَبَ تَلْعةٍ، أو أسفَلَ تَلْعةٍ" قيلَ: هو مَثَلٌ يُضرَبُ لِلرَّجُلِ الذَّليلِ الحَقيرِ، والتَّلْعةُ: مَسيلُ الماءِ، مِن عُلُوٍّ إلى أسفَلَ، وقيلَ: هو مِنَ الأضدادِ، يَقَعُ على ما انحَدَرَ مِنَ الأرضِ وما أشرَفَ منها، وذَنَبُ التَّلْعةِ: أسفَلُها وطَرَفُها، والمَعنى: يُذِلُّها اللهُ حتى لا تَقدِرَ على أنْ تَمنَعَ أسفَلَ تَلْعةٍ ولا تَستَطيعُ أنْ تَحميَها بَعدَ أنْ كانَتْ مُتَجبِّرةً، فهو وصفٌ لهم بالذُّلِّ والضَّعفِ وقِلَّةِ المَنَعةِ. فراجَعَ أحَدُهم حُذَيفةَ رَضيَ اللهُ عنه، فقال: "يا أبا عَبدِ اللهِ، تَقولُ هذا لِقَومِكَ -أو: لِقَومٍ أنتَ يَعني منهم-؟!" يُنكِرُ عليه ما يَقولُه؛ لِأنَّ هذا الكَلامَ يَحمِلُ الذَّمَّ لِمُضَرَ خاصَّةً، وحُذَيفةُ منهم، فقال حُذَيفةُ رَضيَ اللهُ عنه: "لا أقولُ يَعني: إلَّا ما سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقولُ"، فوَضَحَ أنَّ مَقولَتَه تلك كانت حَديثًا لِرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.وقد وَضَّحَ العُلَماءُ أنَّ المُرادَ مِنَ الحَديثِ المَذمومُ منهم، دُونَ مَن سِواهم مِمَّن لا يَفعَلُ كفِعلِهم ذلك الذي ذُكِرَ عنهم في هذا الحَديثِ، وهو أيضًا يُظهِرُ الجانِبَ الأغلَبَ فيهم، وما يُفحِشونَ به على مَن سِواهم.