الموسوعة الحديثية


- دَخَلتُ المسجدَ الجامعَ بالبَصرةِ، فجَلَستُ إلى شَيخٍ أبيَضِ الرَّأسِ واللِّحْيةِ، فقال: حَدَّثَني مُعاذُ بنُ جَبلٍ، عن رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه قال: ما مِن نَفْسٍ تَموتُ وهي تَشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنِّي رسولُ اللهِ، يَرجِعُ ذاك إلى قَلبٍ مُوقنٍ، إلَّا غَفَرَ اللهُ لها، قُلتُ له: أنت سَمِعتَه مِن مُعاذٍ؟ فكأنَّ القَومَ عَنَّفوني، قال: لا تُعنِّفوه، ولا تُؤَنِّبوه، دَعوه، نعمْ أنا سَمِعتُ ذاك مِن مُعاذٍ، يَذبُرُه عن رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقال إسماعيلُ مَرَّةً: يَأثُرُه عن رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قال: قُلتُ لبعضِهم: مَن هذا؟ قال: هذا عبدُ الرَّحمنِ بنُ سَمُرةَ.
خلاصة حكم المحدث : صحيح
الراوي : معاذ بن جبل | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 21998
| التخريج : أخرجه النسائي في ((السنن الكبرى)) (10975)، وابن ماجه (3796)، وأحمد (21998) واللفظ له
التصنيف الموضوعي: إسلام - فضل الإسلام إسلام - فضل الشهادتين إحسان - غفران الله للذنوب والآثام إيمان - من مات لا يشرك بالله شيئا علم - التثبت في الحديث
|أصول الحديث
الشَّهادةُ لِلهِ تعالَى بالتَّوحيدِ، ولِنَبيِّه مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالرِّسالةِ، هي أعظَمُ كَلِمةٍ، ولها فَضلٌ عَظيمٌ؛ فبها يَنجُو قائِلُها بصِدقٍ، المُستيقِنُ بها مِنَ النَّارِ والعَذابِ، وبها يَغفِرُ اللهُ له ذَنبَه ويُدخِلُه الجَنَّةَ.وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التابِعيُّ هِصَّانُ بنُ الكاهِلِ أنَّه دَخَلَ المَسجِدَ الجامِعَ بالبَصرةِ، وهي بَلدةٌ مِن بِلادِ العِراقِ، فجَلَسَ عِندَ شَيخٍ أبيَضِ شَعرِ الرَّأْسِ واللِّحيةِ، يُحَدِّثُ بحَديثٍ عن مُعاذِ بنِ جَبَلٍ رَضيَ اللهُ عنه، عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه قال: "ما مِن نَفْسٍ تَموتُ" بَعدَ أنْ تَستَوفيَ أجَلَها وعُمُرَها في الدُّنيا، ثم تَموتَ على الإسلامِ، "وهي تَشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ" أنَّه لا مَعبودَ بحَقٍّ إلَّا اللهُ، ولا إلهَ معه يُشارِكُه في مُلكِه وخَلْقِه، "وأنِّي رَسولُ اللهِ"، وتَشهَدُ أنَّ مُحمَّدًا هو رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأنَّه المُبَلِّغُ الحَقُّ عن رَبِّه، وكُلُّ هذا الإيمانِ "يَرجِعُ ذاك إلى قَلبٍ مُوقِنٍ" مُصَدِّقٍ أشَدَّ التَّصديقِ؛ "إلَّا غَفَرَ اللهُ لها" فيَكونُ جَزاءُ ذلك أنْ يَمحُوَ اللهُ عنه ذُنُوبَه، وهذا يَعني: إذا قالَها عن يَقينٍ وصِدقٍ وإخلاصٍ؛ لِأنَّ مَن قالَها عن يَقينٍ فلا بُدَّ مِن أنْ يَعمَلَ، فإذا لم يَعمَلْ دَلَّ ذلك على أنَّه ضَعيفُ اليَقينِ. وفي لَفظٍ: "مَن قال: لا إلهَ إلَّا اللهُ، مُخْلِصًا مِن قَلبِه"، وفي لَفظٍ: "مَن قال: لا إلهَ إلَّا اللهُ صادِقًا"، وفي لَفظٍ: "مَن قالَها صِدقًا، دَخَلَ الجَنَّةَ"، وفي لَفظٍ: "مَن قال: لا إلهَ إلَّا اللهُ، وهو يَعلَمُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، دَخَلَ الجَنَّةَ"، وفي لَفظٍ: "مَن قال: لا إلهَ إلَّا اللهُ، وكَفَرَ بما يُعبَدُ مِن دُونِ اللهِ، دَخَلَ الجَنَّةَ"؛ فبِضَمِّ هذه النُّصوصِ بَعضِها إلى بَعضٍ، تَتبَيَّنُ شُروطُ شَهادةِ التَّوحيدِ، وفَضلُها، وعِظَمُ الجَزاءِ عليها، ولا يَخلُصُ إلى الجَنَّةِ دُونَ أنْ يَمَسَّه عَذابُ النَّارِ إلَّا مَن عَمِلَ بحَقِّ لا إلهَ إلَّا اللهُ؛ فالتَزَمَ بما أمَرَ اللهُ به، وامتَنَعَ عمَّا نَهى اللهُ عنه، وإذا وَقَعَ في مَعصيةٍ تابَ واستَغفَرَ، أمَّا مَن لم يَعمَلْ بحَقِّها؛ فإنَّه مُتَوعَّدٌ بالعِقابِ مِنَ النَّارِ بما يَستَحِقُّ مِن فِعلِه لِلمَعاصي، إلَّا أنْ يَشمَلَه اللهُ عَزَّ وجَلَّ برَحمَتِه، ولا يُخَلَّدُ في النَّارِ إلَّا الكافِرُ والمُشرِكُ. فراجَعَ هِصَّانُ الشَّيخَ الذي يُجالِسُه في هذا الحَديثِ، فعَنَّفَه باقي القَومِ، فنَهاهمُ الشَّيخُ عن تَعنيفِه وتأنيبِه، وأمَرَهم بتَركِه، ثم رَجَعَ بالكَلامِ على هِصَّانَ، وأكَّدَ له سَماعَه مِن مُعاذٍ رَضيَ اللهُ عنه، وقَولُه: (يَذْبُرُه عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ) يُتقِنُه، والذَّابِرُ: المُتقِنُ، ويُروى بالدَّالِ، والمَعنى: يُحَدِّثُ به عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فسألَ هِصَّانُ: مَن هذا الشَّيخُ؟ فأخبَروه أنَّه عَبدُ الرَّحمنِ بنُ سَمُرةَ رَضيَ اللهُ عنه، مِن أصحابِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.وفي الحَديثِ: أنَّه لا بُدَّ مِنَ اليَقينِ والإخلاصِ مع الشَّهادَتَيْنِ.
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها