الموسوعة الحديثية


- أنَّ رجلًا كان إذا صلَّى جهَر بقراءتِه ، وإنَّ معاذَ بنَ جبلٍ فقَده فقال : أين الذي كان يوقِظُ الوسنانَ ، ويوحِشُ الشيطانَ ؟ قالوا : اشتَكى ، فخرَج يعودُه ومعَه رجلٌ ، فكان معاذٌ إذا مرَّ بأذًى في الطريقِ تناوَله فأخَذه ، وكان الرجلُ يسبقُ معاذًا إذا رأى الأذى ، فيأخُذُه فيُنَحِّيه عنِ الطريقِ ، فقال له معاذٌ : ما حمَلَكَ على ما تَصنَعُ ؟ قال : الذي رأيتُكَ تَصنَعُ . قال : فقال له معاذٌ : مَن أماط أذًى عنِ الطريقِ كُتِب له حسنةٌ ، ومَن كُتِب له حسنةٌ دخَل الجنةَ
الراوي : محمد بن حبان الأنصاري | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة | الصفحة أو الرقم : 2/171 | خلاصة حكم المحدث : إسناده رجاله ثقات
في هذا الحَديثِ يُخبِرُ التابِعيُّ مُحمدُ بنُ يَحيَى بنِ حَبَّانَ الأنصاريُّ أنَّ رَجُلًا كان إذا صَلَّى النافِلةَ وقيامَ اللَّيلِ جَهَرَ بقِراءَتِه، ورَفَعَ صَوتَه بالقُرآنِ، ولَعَلَّ ذلك لِأنَّ صَلاتَه كانت بالمَسجِدِ، فلَمَّا غابَ فَقَدَه مُعاذُ بنُ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عنه، صاحِبُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وسَألَ عنه، فقال: "أينَ الذي كان يُوقِظُ الوَسْنانَ" وهو النَّائِمُ الذي ليس بمُستَغرِقٍ في نَومِه، "ويُوحِشُ الشَّيطانَ؟" يُبعِدُه ويَطرُدُه، وهذا مِنَ المَدحِ لِهذا الرَّجُلِ، فأخبَرَه أصحابُه أنَّه مَريضٌ ويَشتَكي مِن وَجَعٍ، فخَرَجَ مُعاذٌ رَضِيَ اللهُ عنه ومعه رَجُلٌ؛ لِيَزورَوه في بَيتِه، فكانَ مُعاذٌ رَضِيَ اللهُ عنه وهو في الطَّريقِ إلى هذا المَريضِ كُلَّما مَرَّ بأذًى في الطَّريقِ، جَعَلَ يَحمِلُه ويُبعِدُه عن طَريقِ الناسِ، فلَمَّا رأى الرَّجُلُ الذي يُرافِقُ مُعاذًا رَضِيَ اللهُ عنه ذلك جَعَلَ يَسبِقُه في تَناوُلِ الأذى وإزاحَتِه، فيُنَحِّيه عنِ الطَّريقِ، فسَألَه مُعاذٌ رَضِيَ اللهُ عنه عن سَبَبِ فِعلِه، فبَيَّنَ الرَّجُلُ أنَّه فَعَلَ ذلك اقتِداءً به، فقال له مُعاذٌ رَضِيَ اللهُ عنه: "مَن أماطَ أذًى عنِ الطَّريقِ" فقامَ بإبعادِه وإزالَتِه عن طَريقِ المُسلِمينَ، والمُرادُ بالأذى: كُلُّ ما يُؤذي؛ مِن حَجَرٍ، أو شَوكٍ، أو غَيرِهما، "كُتِبَ له حَسَنةٌ، ومَن كُتِبَ له حَسَنةٌ دَخَلَ الجَنَّةَ"، أيْ: إنَّ إبعادَ الأذى عنِ الطَّريقِ سَبَبٌ في دُخولِ الجَنَّةِ؛ لِمَا فيه مِن كَسْبِ الحَسَناتِ.وفي الحَديثِ: السُّؤالُ عنِ الأصحابِ، وتَفَقُّدُ أحوالِهم، وعِيادةُ مَريضِهم.وفيه: مُصاحَبةُ الصَّالِحينَ والاقتِداءُ بهم.وفيه: الحَثُّ على إماطةِ الأذى عنِ الطَّريقِ.