الموسوعة الحديثية


- سألتُ أبا هريرةَ عن المسحِ على الخُفَّينِ قال: فدخل أبو هريرةَ رضي الله عنه دارَ مروانَ بنِ الحكمِ فبال ثم دعا بماءٍ فتوضأَ وخلع خفَّيهِ وقال: ما أمرنا اللهُ أنْ نمسحَ على جلودِ البقرِ والغنمِ.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : التمييز | الصفحة أو الرقم : 178 | خلاصة حكم المحدث : [ثابت]
مِن خَصائصِ الشَّريعةِ الإسلاميَّةِ التَّيسِيرُ على المُكَلَّفينَ، وتَخفيفُ ما يَشُقُّ عليهم؛ ومِن ذلك الرُّخصةُ في المَسحِ على الخُفَّيْنِ بَدَلًا مِن نَزعِهما وغَسلِ الرِّجلَيْنِ في الوُضوءِ، على أنْ يَكونَ لُبْسُهما على طَهارةٍ.وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التابِعيُّ أبو زُرعةَ بنُ عَمرِو بنِ جَريرٍ، أنَّه سَألَ أبا هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه صاحِبَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن حُكمِ المَسحِ على الخُفَّيْنِ، فكان جَوابُ أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه عَمَليًّا أكثَرَ منه قَوليًّا؛ فقد دَخَلَ أبو هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه دارَ مَرْوانَ بنِ الحَكَمِ، وهي دارٌ بالمَدينةِ كانت لِعُمَرَ، فبِيعَتْ في قَضاءِ دَيْنِه بَعدَ مَوتِه، وقيلَ: هي دارُ الإمارةِ، وهذا مُحتَمَلٌ؛ لِأنَّها صارَتْ لِأميرِ المَدينةِ، فأخبَرَ أبو زُرعةَ أنَّ أبا هُرَيرةَ لَمَّا دَخَلَ الدَّارَ بالَ، ثم دَعا بماءٍ فتَوضَّأ، وكان لابِسًا خُفَّيْه، فنَزَعَهما وغَسَلَ رِجْلَيْه ولم يَمسَحْ على الخُفَّيْنِ، ثم قال: "ما أمَرَنا اللهُ أنْ نَمسَحَ على جُلودِ البَقَرِ والغَنَمِ"، فأنكَرَ أبو هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، وفِعلُه بَيانٌ أنَّه لا يُجزِئُ المَسحُ على الخُفَّيْنِ عن غَسلِ الرِّجلَيْنِ.وقد ذَهَبَ جَمْعٌ مِن أهلِ العِلْمِ إلى تَضعيفِ ما جاء عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه مِن إنكارِه لِلمَسحِ؛ لِأنَّ المَسحَ على الخُفَّيْنِ ثابِتٌ بالنُّصوصِ الصَّريحةِ الصَّحيحةِ، وقد رَواه الجَمُّ الغَفيرُ مِنَ الصَّحابةِ رِضوانُ اللهِ عليهم، فبَلَغَ عَدَدُ مَن رَواه منهم أكثَرَ مِن ثَمانينَ صَحابيًّا، منهمُ العَشَرةُ المُبَشَّرونَ بالجَنَّةِ، حتى صارَ المَسحُ على الخُفَّيْنِ مِنَ الفُروعِ الفِقهيَّةِ المُمَيِّزةِ لِأهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ عن غَيرِهم مِن أهلِ الزَّيغِ والضَّلالِ.