الموسوعة الحديثية


- الشُّهداءُ أربعةٌ : رجلٌ مؤمنٌ جيِّدُ الإيمانِ لقي العدوَّ فصدَّق اللهَ فقُتِل فذلك الَّذي ينظرُ النَّاسُ إليه هكذا ، ورفع رأسَه حتَّى سقطت قلنسوةُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أو قلنسوةُ عمرَ ، والثَّاني رجلٌ مؤمنٌ لقى العدوَّ فكأنَّما يُضرَبُ ظهرُه بشوْكِ الطَّلحِ جاءه سهمٌ غربٌ فقتله ، فذاك في الدَّرجةِ الثَّانيةِ ، والثَّالثُ رجلٌ مؤمنٌ خلط عملًا صالحًا وآخرَ سيِّئًا لقِي العدوَّ فصدق اللهَ عزَّ وجلَّ حتَّى قُتِل ، قال : فذاك في الدَّرجةِ الثَّالثةِ والرَّابعُ رجلٌ مؤمنٌ أسرف على نفسِه إسرافًا كثيرًا لقي العدوَّ فصدق اللهَ حتَّى قُتِل فذلك في الدَّرجةِ الرَّابعةِ
خلاصة حكم المحدث : حديث صالح
الراوي : عمر بن الخطاب | المحدث : علي بن المديني | المصدر : مسند الفاروق | الصفحة أو الرقم : 2/465
| التخريج : أخرجه الترمذي (1644)، وأحمد (150)، وعبد بن حميد في ((المنتخب)) (27)، وابن أبي عاصم في الجهاد (187 ) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: إيمان - تفاضل أهل الإيمان جهاد - الشجاعة في الحرب والجبن جهاد - فضل الجهاد جهاد - فضل الشهيد إحسان - الإخلاص
|أصول الحديث
الشَّهادةُ في سَبيلِ اللهِ تَعالى مَنزِلةٌ عَظيمةٌ، ومَرتَبةٌ جَليلةٌ، أجْرُها وثَوابُها كَبيرٌ، وأنواعُ الشَّهادةِ كَثيرةٌ مُتَعَدِّدةٌ، فلا أفضَلَ مِن أنْ يَجودَ المَرءُ بنَفْسِه في سَبيلِ اللهِ تَعالى؛ ولذلك جَعَلَ اللهُ الشُّهَداءَ يَومَ القيامةِ في أعلى مَنازِلِ جَنَّاتِ النَّعيمِ.وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ الشُّهَداءَ أربَعةُ أنواعٍ، أو أنَّ الذين يُستَشهَدونَ في سَبيلِ اللهِ على أربَعِ خِصالٍ، وقيلَ: إنَّ الشُّهَداءَ المَقبولينَ في سَبيلِ اللهِ أقسامٌ، أو إنَّهم على أربَعِ مَنازِلَ في الأجْرِ عِندَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، أوَّلُهم -أو أعلاهم مَنزِلةً-: "رَجُلٌ مُؤمِنٌ جَيِّدُ الإيمانِ"، أيْ: صادِقٌ وكامِلٌ في إيمانِه باللهِ عَزَّ وجَلَّ، فكانَ في القِتالِ شُجاعًا صادِقًا مُخلِصًا للهِ عَزَّ وجَلَّ، حتى قُتِلَ واستُشهِدَ في المَعرَكةِ؛ "فذلك الذي يَنظُرُ الناسُ إليه هكذا -ورَفَعَ رَأْسَه حتى سَقَطتْ قَلَنسُوةُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أو قَلَنسُوةُ عُمَرَ-" هذا شَكٌّ مِنَ الرَّاوي، والقَلَنسُوةُ: غِطاءٌ لِلرَّأْسِ مُختَلِفُ الأنواعِ والأشكالِ، والمَعنى: أنَّ هذا الشَّهيدَ يأتي يَومَ القيامةِ، أو في الجَنَّةِ، رافِعًا رَأْسَه والناسُ تَنظُرُ إليه، وهو كِنايةٌ عن تَناهي رِفعةِ مَنزِلَتِه عِندَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ.ثم أخبَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالنَّوعِ الثاني مِنَ الشُّهَداءِ الذين يَكونُ لهمُ المَنزِلةُ العاليةُ يَومَ القيامةِ، وهو رَجُلٌ مُؤمِنٌ "جَيِّدُ الإيمانِ" كما في رِوايةِ التِّرمِذيِّ، فهو مُتَساوٍ مع الشَّهيدِ الأوَّلِ في دَرَجةِ الإيمانِ؛ فإذا لَقيَ العَدُوَّ "فكأنَّما يُضرَبُ ظَهرُه بشَوكِ الطَّلحِ" وهو نَوعٌ مِنَ الشَّجَرِ، وهو كِنايةٌ عن أنَّ الخَوفَ يُداخِلُه، كما في رِوايةِ التِّرمِذيِّ: "مِنَ الجُبنِ"، إلَّا أنَّه ثابِتٌ في المَعرَكةِ ويُقاتِلُ، حتى يَأتيَه وهو على ذلك الثَّباتِ "سَهمٌ غَربٌ" وهو السَّهمُ الذي لا يُعرَفُ رامِيهِ، والمَعنى أنَّه يُفاجأُ بسَهمٍ يَكونُ سَبَبًا في قَتلِه، فالشَّهيدُ الذي يَكونُ على تلك الحالِ يُنزِلُه اللهُ عَزَّ وجَلَّ يَومَ القيامةِ -أو في الجَنَّةِ- في الدَّرَجةِ الثانيةِ مِن دَرَجاتِ الشَّهادةِ، وقد حازَ الأوَّلُ الدَّرَجةَ الأُولى مِن دَرَجاتِ الشَّهادةِ؛ لِأنَّه امتازَ بقُوَّةِ الإيمانِ، وبأنَّه صَدَقَ اللهَ، مع الشَّجاعةِ، والثاني فازَ بالدَّرَجةِ الثانيةِ؛ لِأنَّه امتازَ بقُوَّةِ الإيمانِ فقط، ولكِنْ كان يُصاحِبُه بَعضُ الخَوفِ والجُبنِ.ثم أخبَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن صِفةِ صاحِبِ المَنزِلةِ الثالِثةِ، وهو رَجُلٌ مُؤمِنٌ خَلَطَ عَمَلًا صالِحًا وآخَرَ سَيِّئًا؛ فإنَّه لم يَتوَرَّعْ عنِ المَعاصي، فهو في دَرَجةِ الإيمانِ أقَلُّ مِن سابِقَيْه، ولكِنَّه كان في القِتالِ شُجاعًا صادِقًا مُخلِصًا للهِ عَزَّ وجَلَّ، حتى قُتِلَ واستُشهِدَ في المَعرَكةِ؛ فذاك في الدَّرَجةِ الثالِثةِ، وفي هذا دِلالةٌ على أنَّ قُوَّةَ الإيمانِ أفضَلُ مِن كَمالِ الشَّجاعةِ.ثم أخبَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن صِفةِ صاحِبِ المَنزِلةِ الرَّابِعةِ، وهو رَجُلٌ مُؤمِنٌ "أسرَفَ على نَفْسِه إسرافًا كَثيرًا"، وهذا كِنايةٌ عن أنَّ أعمالَ الطاعةِ قَليلةٌ، وأنَّ المَعاصيَ هي الأغلَبُ، ولكِنَّه كان في القِتالِ شُجاعًا صادِقًا مُخلِصًا للهِ عَزَّ وجَلَّ، حتى قُتِلَ واستُشهِدَ في المَعرَكةِ؛ فذلك في الدَّرَجةِ الرَّابِعةِ، فهو كالأوَّلِ في الشَّجاعةِ، ودُونَ الثَّلاثةِ في الإيمانِ.وفي الحَديثِ: دِلالةٌ على تَقسيمِ الإيمانِ إلى كامِلٍ وناقِصٍ.وفيه: أنَّ الجُبنَ والخَوفَ ليس عُذرًا في تَركِ المُشارَكةِ في المَعارِكِ ضِدَّ أعداءِ المُسلِمينَ والإسلامِ.وفيه: إشعارٌ بأنَّ المُؤمِنَ القَويَّ أحَبُّ إلى اللهِ مِنَ المُؤمِنِ الضَّعيفِ.
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها