الموسوعة الحديثية


- أُتِيَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ بلَحمٍ ، فجعلَ القومُ يُلَقُّونَهُ اللَّحمَ ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : إنَّ أطيبَ اللَّحمِ لَحمُ الظَّهرِ
الراوي : عبدالله بن جعفر بن أبي طالب | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : تخريج المسند لشاكر | الصفحة أو الرقم : 3/197 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن | التخريج : أخرجه أحمد (1759)
كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أَكثرَ النَّاسِ خوفًا وخشيةً مِن اللهِ، ومع تَقْواه وخَشيتِه لم يَكُنْ يُشدِّدُ على نفْسِه ولا أُمَّته في الأُمورِ المُباحةِ التي ليسَتْ مُحرَّمةً، وقد كان للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أَطْعِمةٌ يُفضِّلُها ويُحِبُّها.وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ جَعفَرِ بنِ أبي طالِبٍ رَضيَ اللهُ عنهما: أنَّه جيءَ لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بلَحْمٍ، وفي رِوايةِ ابنِ ماجَهْ: أنَّه كان لَحْمَ جَزورٍ، ويُطلَقُ على المَذبوحِ مِن الإبِلِ خاصَّةً، سواءٌ كان ذَكرًا أمْ أُنثى؛ "فجَعَلَ القَومُ يُلَقُّونه اللَّحْمَ" أي: يُعطُون رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اللَّحْمَ، فقالَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "إنَّ أَطيَبَ اللَّحْمِ"، أي: ألَذَّه وأَطعَمَه مَذاقًا، وأَسهَلَه مَضْغًا وهَضْمًا، "لَحْمُ الظَّهْرِ"، والمُرادُ به: الجُزءُ المُجمَّعُ الذي يَكونُ في سِلْسِلةِ ظَهْرِ الجَمَلِ. وقيلَ: لَحْمُ الظَّهْرِ كَثيرُ الغِذاءِ، فالأطيَبيَّةُ باعتِبارِ الأنفَعيَّةِ. وقد ورَدَ عِندَ أبي داودَ مِن حديثِ ابنِ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه: "كان أَحَبُّ العُراقِ إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عُراقَ الشَّاةِ"، وهو: العَظْمُ الذي به قَليلٌ مِن اللَّحْمِ. وفي سُننِ أبي داودَ عنه أيضًا: "كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعجِبُه الذِّراعُ".فكأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بتلك الأحاديثِ يُرشِدُ إلى أفْضَلِ أجزاءِ اللَّحْمِ في أنواعِ المَذْبوحاتِ، أو أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُبيِّنُ ما كان يُفضِّلُه ويُحِبُّه هو على وَجْهٍ خاصٍّ. وقيل: كان يُعجِبُه لَحمُ الذِّراعِ لكَونِه أخفَّ اللَّحمِ وألذَّه وألطَفَه، وأبعَدَه عنِ الأذَى، وأسرَعَه إلى الانهِضامِ؛ فيكونُ أطيبُ اللَّحمِ لحمَ الظَّهرِ لِمَا يولِّدُه مِنَ الغِذاءِ، وأحَبِّيَّتُه لَحْمَ الذِّراعِ للخِفَّةِ التي يُريدُها صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم؛ فلا يُثِبِّطُه عنِ الطَّاعةِ ولا يُثَقِّلُه؛ فلا يُقالُ كيفَ حَكَم على هذا بالأطيَبِيَّةِ، وعَدَل إلى غَيرِه.