الموسوعة الحديثية


- مَن سأَلَ وله ما يُغنيه، جاءَتْ يومَ القيامةِ خُموشٌ -أو خُدوشٌ، أو كُدوحٌ- في وجهِه، فقيلَ: يا رسولَ اللهِ، وما الغِنَى؟ قال: خَمسون دِرهمًا، أو قيمتُها من الذهبِ.
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج سنن أبي داود | الصفحة أو الرقم : 1626 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه الترمذي (650)، والنسائي (2592)، وابن ماجه (1840) باختلاف يسير
لقد ربَّى النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أصحابَه على العِفَّةِ وعِزَّةِ النَّفسِ، ومن ذلك: أنَّه نَهَى عن سُؤالِ النَّاسِ والْتِماسِ الحاجَةِ مِنهم، إلَّا عِندَ الاضطِرارِ والحاجةِ الشَّديدةِ، حيثُ يقولُ في هذا الحَديثِ: "مَن سأَل النَّاسَ"، أي: طلَب حاجتَه فيهم دُونَ وجهِ حَقٍّ ولم يُعِفَّ نفْسَه، "وله ما يُغْنيه"، أي: وعِندَه ما يَكْفيه عن سؤالِ النَّاسِ، "جاء يومَ القيامَةِ ومَسأَلتُه"، أي: وأثَرُ تِلك المسألةِ، "في وجْهِه خُموشٌ، أو خُدوشٌ، أو كُدوحٌ"، والثَّلاثةُ متقاربةٌ في المعنى، والمرادُ: كالجُرحِ في وَجهِه، وقيل: ذَهابُ الكَرامةِ والحياءِ منه، وقيل: هي أماراتٌ يُعرَفُ بها يومَ القيامةِ أنَّه ممَّن كان يَسأَلُ النَّاسَ في الدُّنيا، والألفاظُ تَدُلُّ على حَجمِ مُساءَلتِه للنَّاسِ مِن القِلَّةِ والكثرةِ، فالخَمْشُ أشَدُّ في مَعناه مِن الخَدْشِ، والخدشُ أبلَغُ أثَرًا مِن الكَدْحِ. "قيل: يا رسولَ اللهِ، وما يُغْنيه؟"، أي: سُئِلَ ما حَدُّ كِفايَتِه الَّتي إذا سأل النَّاسَ وهو عِندَه وقَع عليه الجزاءُ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "خَمسون دِرهمًا أو قيمتُها مِن الذَّهبِ"، أي: هذا حَدُّ كِفايَتِه، والقَدْرُ مِن المالِ الَّذي يَمتنِعُ به عن السُّؤالِ، وهذا مِن التَّربيةِ النَّبويَّةِ للمُسلِمين على التَّكفُّفِ والتَّعفُّفِ وعدَمِ سُؤالِ النَّاسِ أو الطَّمعِ في أموالِهم مِن أنَّ اللهَ يُحِبُّ مِن العَبدِ أن يَسأَله وهو سُبحانَه عِندَه خزائنُ السَّمواتِ والأرضِ.