الموسوعة الحديثية


- يا بُنَيَّ اتقِ اللهَ ولن [تتقي] اللهَ حتى تؤمنَ باللهِ ولن تؤمنَ باللهَ حتى تؤمنَ بالقدرِ خيرِهِ وشرِّهِ وتعلمَ أنَّ ما أصابكَ لم يكن يخطئُكَ سمعتُ رسولَ اللهِ يقولُ القدرُ على هذا مَنْ مات على غيرِ هذا أدخلَهُ اللهُ النارَ
الراوي : عبادة بن الصامت | المحدث : الألباني | المصدر : تخريج كتاب السنة | الصفحة أو الرقم : 111 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
كان الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم يُعلِّمونَ أبناءَهم ومَنْ بَعْدَهم أُمورَ العَقيدةِ ومَسائِلَها؛ حتى يَكونَ الإيمانُ في قُلوبِهم على أكْمَلِ وَجْهٍ لا يَشوبُه مِنْ أمراضِ القُلوبِ شَيءٌ. وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التَّابِعيُّ الوَليدُ بنُ عُبادةَ بنِ الصَّامِتِ "أنَّ أباه عُبادةَ بنَ الصَّامِتِ لَمَّا احتُضِرَ" وهو وَقتُ خُروجِ الرُّوحِ، "سألَه ابنُه عَبدُ الرَّحمنِ، وقالَ: يا أبَهْ، أوْصِني" يَطلُبُ مِن أبيه وَصيَّةً تَنفَعُه في دُنياه وآخِرَتِه، خُصوصًا أنَّ عُبادةَ بنَ الصَّامِتِ رَضيَ اللهُ عنه مِن خيرةِ صَحابةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فهو حَقًّا مَن تُطلَبُ منه النَّصيحةُ، فقالَ عُبادةُ رَضيَ اللهُ عنه: "أجْلِسوني لِابْني" وذلك حتى يَتمَكَّنَ مِنَ الكَلامِ والوَعظِ، "فأجلَسوه. قال: يا بُنَيَّ اتَّقِ اللهَ"، كُنْ على خَوفٍ مِنَ اللهِ؛ [ ولنْ تتَّقيَ] اللهَ" ولن تَتحَقَّقَ لكَ الخَشيةُ والخَوفُ مِنَ اللهِ، "حتى تُؤمِنَ باللهِ" والإيمانُ باللهِ يَستَوجِبُ الإيمانَ بمَلائِكَتِه ورُسُلِه وكُتُبِه، "ولن تُؤمِنَ باللهِ حتى تُؤمِنَ بالقَدَرِ، خَيرِه وشَرِّه" تُؤمِنَ إيمانًا كامِلًا بأنَّ جَمِيعَ الأُمُورِ خَيرِها وشَرِّها، حُلوِها ومُرِّها، نَفعِها وضَرِّها بقَضاءِ اللَّهِ وقَدَرِه وإرادَتِه وأمْرِه. "وتَعلَمَ أنَّ ما أصابَكَ" مِن خَيرٍ أو شَرٍّ، "لم يَكُنْ يُخطِئُكَ" يَتجاوَزُكَ ويَتعَدَّاكَ إلى غَيرِكَ، وهذا هو مَضمونُ قَولِ اللَّهِ تَعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} [التوبة: 51]، وهذا هو مَحضُ الإيمَانِ بالقَضَاءِ والقَدَرِ; لِأنَّ رِضا النَّفْسِ بِما أصابَها لن يَكُونَ إلَّا بِحُصُولِ اليَقِينِ فِي القَلبِ لِلقَضَاءِ السَّابِقِ والقَدَرِ المَاضِي، قالَ عُبادةُ رَضيَ اللهُ عنه: "سَمِعتُ رَسولَ اللهِ يَقولُ: القَدَرُ على هذا، مَن ماتَ على غَيرِ هذا أدخَلَه اللهُ النارَ"، والمَعنى أنَّ الإيمانَ بالقَدَرِ هو رُكنٌ مِن أركانِ الإيمانِ، مَن كَذَّبَ به كانَ جَزاؤُه يَومَ القيامةِ أنْ يُعَذِّبَه اللهُ في النارِ، وإنَّما وَعَظَ عُبادةُ رَضيَ اللهُ عنه ابنَه وأوصاه بتلك الوَصيةِ لِمَا ظَهَرَ في عَهدِ الصَّحابةِ رَضيَ اللهُ عنهم مِن أُناسٍ يَتكَلَّمونَ في القَدَرِ ويُكذِّبونَ به.