الموسوعة الحديثية


- إذا سَمِع أحدُكم النِّداءَ والإناءُ على يدِه، فلا يَضَعْه حتى يَقضيَ حاجتَه منه.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج سنن أبي داود | الصفحة أو الرقم : 2350 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
لقدْ راعى الإسلامُ الحاجةَ الإنسانيَّةَ والطَّبيعةَ البشريَّةَ؛ ولذلك جاء التَّيسيرُ في العباداتِ، ومِنْ ذلك ما جاء في هذا الحَديثِ، حيثُ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إذا سَمِع أَحَدُكم النِّداءَ"، أي: الأذانَ للصَّلاةِ، "والإناءُ على يدِه"، أي: إناءُ الطَّعامِ أو الشَّرابِ، "فلا يَضَعْه حتى يَقْضِيَ حاجتَه منه"، أي: لا يَتْركِ الإناءَ حتَّى يُنهِيَ حاجتَه منه. وقد اختُلِفَ في المقصودِ بالنِّداءِ والأذانِ في هذا الحديثِ وما يُفهَمُ منه من أحكامٍ؛ فقيل: المقصودُ هو أيُّ نِداءٍ للصَّلاةِ في أيِّ وقتٍ، وأنَّه إذا سَمِعَ المسلمُ الأذانَ وهو يأكُلُ فله أن يُتمَّ طعامَه وشرابَه ثمُ يُجيبَ النِّداءَ بترديدِه والذَّهابِ إلى الصَّلاةِ، فيكون مثل الحَديثِ الذي في الصحيحين "إذا وُضِعَ العَشاءُ وأُقيمَتِ الصَّلاةُ فابْدؤوا بالعَشاءِ". وقيل: المقصودُ بالنِّداءِ هو أذانُ الفجرِ الصَّادقِ لِمَن أرادَ الصِّيامَ في رَمضانَ وغيرِه، وأنَّ للمُتسحِّرِ أنْ يُتِمَّ أكْلَ ما في يدِه من طعامٍ إذا سَمِعَ الأذانَ، ولا يَترُكه، وهذا محمولٌ أنَّه يُتمُّ أكْلَه كاملًا إذا كان يَشكُّ في طُلوعِ الفَجرِ الصَّادقِ، وإذا كان الأذانُ في وقتٍ لا يتَّضح فيه طلوعُ الفجرِ لأيِّ سببٍ، كوجودِ غَيمٍ أو ضبابٍ ونحو ذلك. أوْ يكون معنى الحديثِ عامًّا في أيِّ وقتٍ مع الأخْذِ بالاحتياطِ والتثبُّتِ مِن دُخولِ وقتِ الفجرِ الصادقِ؛ للإمساكِ عن الأكلِ والشُّربِ، ويُحمَلُ على الطَّعامِ القَليلِ الموجودِ في الفَمِ، أو أنَّه إذا  سَمِعَ مَن نوَى الصيامَ أذانَ الفجرِ وكان قد بدأَ يَشرَبُ، فإنَّه يُكمل الشُّربَ، وليس المقصودُ الاستمرارَ في الأكْلِ بعدَ أذانِ الفجرِ، وليس له أن يَبتدئَ  بَعدَ الأذانِ أوْ يُبادِرَ ويَذهب ليشربَ؛ فإنَّه لا يجوزُ له ذلك. وقيل: كان هذا في أوَّلِ فرْضِ الصِّيام وكان يُؤذَّن في رَمضانَ بأذانينِ؛ فيكونُ الأذانُ الأوَّلُ؛ للتَّنبيهِ على قُربِ طُلوعِ الفَجرِ ليتنبَّهَ النائمُ ويأكُلَ، ثم يَكونُ الأذانُ الثاني مع دُخولِ الفجرِ الصادقِ؛ ليُمسِكَ المتسحِّرُ عن الطعامِ والشَّرابِ وقتَ السُّحُورِ، ثمَّ لَمَّا عَرَف الناسُ الأمرَ تُرِكَ ذلك.