الموسوعة الحديثية


- عن عبدِ اللهِ بنِ مُحمَّدِ ابنِ الحنفيَّةِ قال: انطلقْتُ أنا وأبي إلى صِهرٍ لنا من الأنصارِ نَعودُه فحَضَرَتِ الصَّلاةُ، فقال لبعْضِ أهلِه: يا جاريةُ، ائْتوني بوَضوءٍ لعلِّي أُصَلي فأستَريحُ، قال: فأنكَرْنا ذلك عليه، فقال: سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: قُمْ يا بلالُ فأَرِحْنا بالصَّلاةِ.
الراوي : [رجل من الأنصار] | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج العواصم والقواصم | الصفحة أو الرقم : 6/ 24 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح | التخريج : أخرجه أبو داود (4986) واللفظ له، وأحمد (23154)
في الصَّلاةِ مُناجاةُ العَبدِ رَبَّه، فإذا أقبَلَ بقَلبِه ورُوحِه في صَلاتِه على اللهِ تَعالى، وَجَدَ الرَّاحةَ والسَّكينةَ. وفي هذا الحَديثِ عن عَبدِ اللهِ بنِ مُحمدٍ، ابنِ الحَنفيَّةِ قال: "انطَلَقتُ أنا وأبي" وهو مُحمدُ بنُ علِيِّ بنِ أبي طالِبٍ مِن غَيرِ فاطِمةَ، والحَنفيَّةُ نِسبةٌ إلى جَدِّ أُمِّه، "إلى صِهرٍ لنا مِنَ الأنصارِ" وكَونُه مِن الأنصارِ إشارةٌ إلى أنَّه مِن صَحابةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، والصِّهرُ مِنَ المُصاهَرةِ، وهو اسمٌ لِمَا بَينَ المَرءِ وبَينَ قَرابةِ زَوجِه وأقارِبِه مِنَ العَلاقةِ، فصِهرُ الرَّجُلِ قَرابةُ امرأتِه، وصِهرُ المَرأةِ قَرابةُ زَوجِها، "نَعودُه" نَزورُه في مَرَضِه "فحَضَرتِ الصَّلاةُ" بأنْ دَخَلَ وَقتُها، فقال الأنصاريُّ لِبَعضِ أهلِه: "يا جاريةُ، ائتوني بوَضوءٍ" بماءِ الوُضوءِ؛ لِأتوَضَّأ "لَعَلِّي أُصَلِّي فأستَريحَ"، أي: لَعَلِّي أُصَلِّي فأستَريحَ بالاشتِغالِ بالصَّلاةِ، قال عَبدُ اللهِ: "فأنكَرْنا ذلك عليه"؛ لِأنَّ ظاهِرَه: استَرَحتُ مِنَ الصَّلاةِ ومِن مَشَقَّتِها وتَعَبِها وهَمِّها، فقال الأنصاريُّ: "سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقولُ: قُمْ يا بِلالُ" وهذا أمْرٌ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِمُؤذِّنِه بِلالِ بنِ رَباحٍ أنْ يؤذِّنَ ويُقيمَ الصَّلاةَ، "فأرِحْنا بالصَّلاةِ" وكأنَّ دُخولَه فيها هو الراحةُ مِن تَعَبِ الدُّنيا ومَشاغِلِها؛ لِمَا فيها مِن مُناجاةٍ للهِ تَعالى وراحةٍ لِلرُّوحِ والقَلبِ، ولا عَجَبَ في ذلك؛ فإنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هو القائِلُ: "وجُعِلتْ قُرَّةُ عَيني في الصَّلاةِ"، وطَلَبُ الراحةِ في الصَّلاةِ يَصدُرُ مِمَّن كان خاشِعًا فيها ومُحِبًّا لها، وإن كانت ثَقيلةً على البَعضِ؛ كما قال اللهُ تَعالى: {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة: 45].