الموسوعة الحديثية


- قُلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنَّا قَومٌ نَتساءَلُ أمْوالَنا، قال: يَسألُ أحَدُكم في الجائحةِ، والفَتْقِ ليُصلِحَ بيْنَ قَومِه، فإذا بَلَغَ أو كَرَبَ استَعَفَّ.
الراوي : معاوية بن حيدة القشيري | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 20051 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن | التخريج : أخرجه أحمد (20051) واللفظ له، والطبراني (19/406) (966)، والبيهقي (13574)
هذا الحَديثُ يُوضِّحُ جانِبًا عَمَليًّا مهمًّا مِنَ التَّربيةِ النَّبويَّةِ لِلمُسلِمينَ على العِفَّةِ وعِزَّةِ النَّفْسِ، وعَدَمِ سُؤالِ الناسِ إلَّا في الحالاتِ التي بَيَّنَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في هذ الحَديثِ، حيثُ يقولُ الصَّحابيُّ مُعاويةُ بنُ حَيدةَ القُشَيريُّ رَضيَ اللهُ عنه: "قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّا قَومٌ نَتَساءَلُ أموالَنا" يَسألُ بَعضُنا بَعضًا المالَ، والظاهِرُ أنَّها ليستْ على سَبيلِ القَرضِ والدَّيْنِ، فكأنَّه يَسألُ: متى يَحِلُّ سُؤالُ الناسِ أموالَهم؟ فأجابَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "يَسألُ أحَدُكم في الجائِحةِ" وهي كُلُّ ظاهِرٍ مُفسِدٍ مِن مَطَرٍ، أو بَردٍ، أو جَرادٍ، أو ريحٍ، أو حَريقٍ أوِ الآفةِ التي تُهلِكُ الثِّمارَ أوِ الأموالَ، وتَستأصِلُها، فمَن أصابَتْه الجائِحةُ، واستأصَلَتْ ثِمارَه أو أموالَه، فهذا حَلَّتْ له المَسألةُ حتى يَحصُلَ على ما يَقومُ بحاجَتِه الضَّروريَّةِ. ثم قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "والفَتْقِ؛ لِيُصلِحَ بَينَ قَومِه" والفَتْقُ يُقصَدُ به الحَربُ أو المشاجرةُ تَكونُ بَينَ القَومِ، تَقَعُ فيها الجِراحاتُ والدِّماءُ، وأصلُه الشَّقُّ والفَتحُ، وقد يُرادُ بالفَتْقِ نَقضُ العَهدِ، فمَن تَحمَّلَ قيمةَ المالِ في هذا الأمْرِ وجَعَلَه دَيْنًا على نَفْسِه لِلإصلاحِ بَينَ الناسِ، فهذا يَطلُبُ مِنَ الناسِ مالًا، ويأخُذُ ما تَحمَّلَه، فيأخُذُ مِنَ الصَّدَقةِ بقَدْرِها، "فإذا بَلَغَ" وحَصَلَ ما يَحتاجُه مِنَ المالِ "أو كَرَبَ" أوِ اقتَرَبَ مِنَ استِكمالِ ما يَحتاجُه "استَعَفَّ"، أي: يُمسِكُ ويَمتَنِعُ عنِ المَسألةِ والطَّلَبِ، وطَلَبُ المالِ في غَيرِ هذه الأُمورِ مِنَ السُّحتِ الحَرامِ الذي لا يَحِلُّ كَسبُه. وفي الحَديثِ: النَّهيُ عن مَسألةِ الناسِ إلَّا لِلضَّرورةِ المُلجِئةِ.