الموسوعة الحديثية


- قُلتُ لعَطاءٍ: سَمِعتَ ابنَ عبَّاسٍ يقولُ: إنَّما أُمِرتُم بالطَّوافِ، ولم تُؤمَروا بالدُّخولِ؟ قال: لم يَكُنْ يَنهى عن دُخولِه، ولكنِّي سَمِعتُه يقولُ: أخبَرَني أُسامةُ بنُ زَيدٍ: أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لمَّا دَخَلَ البَيتَ دَعا في نَواحيه كلِّها، ولم يُصلِّ فيه حتى خَرَجَ، فلمَّا خَرَجَ رَكَعَ رَكعتَينِ في قُبُلِ الكَعبةِ، قال عبدُ الرَّزَّاقِ: وقال: هذه القِبلةُ.
الراوي : أسامة بن زيد | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 21809 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط الشيخين | التخريج : أخرجه مسلم (1330)، والنسائي (2917)، وأحمد (21809) واللفظ له
كانَ الصَّحابَةُ الكِرامُ رضِيَ اللهُ عنهم يَنقُلُ كُلُّ واحِدٍ منهم ما رآه وما عَلِمَه مِن سُنَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن قَولٍ أو فِعلٍ أو تَقريرٍ، وكانتْ أحوالُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كَثيرةً ومُتعدِّدةً، فرُبَّما نَقَلَ بَعضُهم غَيرَ ما نَقَلَ الآخَرُ في المَوضوعِ الواحِدِ؛ ولذلك يُجمَعُ بَينَ معانيها بالتَّرجيحِ، أوِ النَّسخِ، أوِ العَمَلِ بها كُلِّها. وفي هذا الحَديثِ يَقولُ عَبدُ المَلِكِ بنُ عَبدِ العَزيزِ بنِ جُرَيجٍ: "قُلتُ لِعَطاءِ بنِ أبي رَباحٍ: سَمِعتُ ابنَ عَبَّاسٍ يَقولُ: إنَّما أُمِرتُم بالطَّوافِ" حَولَ الكَعبةِ، وهي البَيتُ الحَرامُ "ولم تُؤمَروا بالدُّخولِ؟" إلى جَوفِها، فوَضَّحَ له عَطاءٌ مَقصِدَ ابنِ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما، فقال: "لم يَكُنْ يَنهى عن دُخولِه" دُخولًا مُطلَقًا "ولكِنِّي سَمِعتُه يَقولُ: أخبَرَني أُسامةُ بنُ زَيدٍ: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَمَّا دَخَلَ البَيتَ دَعا في نواحيه كُلِّها" دَعا في جِهاتِه الأربَعِ "ولم يُصَلِّ فيه حتى خَرَجَ، فلَمَّا خَرَجَ رَكَعَ رَكعتَيْنِ في قِبَلِ الكَعبةِ" أمامَ الكَعبةِ في حِجرِ إسماعيلَ. وقد ثَبَتَ في صَحيحِ البُخاريِّ مِن حَديثِ ابنِ عُمَرَ عن بِلالٍ أنَّه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ قد صَلَّى في الكَعبةِ. "وقال: هذه القِبلةُ" ومعناه: أنَّ أمْرَ القِبلةِ قدِ استَقَرَّ على استِقبالِ هذا البَيتِ، فلا يُنسَخُ بَعدَ اليَومِ، فصَلُّوا إليه أبدًا. ويُحتَمَلُ أنَّه عَلَّمَهم سُنَّةَ مَوقَفِ الإمامِ؛ فإنَّه يَقِفُ في وَجهِها دونَ أركانِها وجوانِبِها الثَّلاثةِ، وإنْ كانتِ الصَّلاةُ في جَميعِ جِهاتِها مُجزِئةً.