الموسوعة الحديثية


- كُنْتُ آخِذًا بزِمامِ ناقةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهي تَقصَعُ بجِرَّتِها، ولُعابُها يَسيلُ بينَ كَتِفَيَّ، فقال: إنَّ اللهَ قد أَعْطى كلَّ ذي حقٍّ حقَّه، وليس لوارثٍ وَصيَّةٌ، الولَدُ للفِراشِ، وللعاهِرِ الحَجَرُ، ومَنِ ادَّعى إلى غيرِ أبيهِ، أوِ انْتَمى إلى غيرِ مَواليهِ، فعليه لَعنةُ اللهِ، والمَلائكةِ، والنَّاسِ أجْمَعينَ، قال عفَّانُ: وزادَ فيه همَّامٌ بهذا الإسنادِ -ولم يَذكُرْ عبدَ الرَّحمنِ بنَ غَنْمٍ-: وإنِّي لتحتَ جِرَانِ راحِلَتِه، وزادَ فيه: لا يُقبَلُ منه عَدلٌ، ولا صَرفٌ، وفي حديثِ همَّامٍ: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خطَبَ، وقال: رَغبةً عنهم.
الراوي : عمرو بن خارجة | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 17665 | خلاصة حكم المحدث : صحيح لغيره | التخريج : أخرجه الترمذي (2121)، وابن ماجه (2712) باختلاف يسير، والنسائي (3641، 3642) مفرقاً مختصراً، وأحمد (17665) واللفظ له
خَطَبَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خُطبةً في حَجَّةِ الوَداعِ، فكانت خُطبةً جامِعةً مانِعةً، جَمَعَ فيها مِنَ الأوامِرِ والنَّواهي ما إنْ تَمسَّكَ بها المُسلِمُ نَجا في الدُّنيا والآخِرةِ. وفي هذا الحَديثِ يحكي عَمرُو بنُ خارِجةَ رَضيَ اللهُ عنه بعضَ ما شاهَدَه وعايشَه في هذه الحَجَّةِ، فيَقولُ : "كُنتُ آخِذًا بزِمامِ ناقةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ" أُمسِكُ بحَبلِها، ورَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ راكِبٌ عليها، "وهي تَقصَعُ بجَرَّتِها" والجَرَّةُ هي ما يُخرِجُه البَعيرُ مِن بَطنِه لِيَمضُغَه، ثم يَبلَعَه، وقَصَعتِ الناقةُ بجَرَّتِها، كمَنَعتْ: رَدَّتها إلى جَوفِها، أو مَضَغتْها، أو هو أن تَملأ بها فمَها، أو هو شِدَّةُ المَضغِ، "ولُعابُها يَسيلُ بَينَ كَتِفَيَّ"؛ لِشِدَّةِ قُربِه مِن فَمِ الناقةِ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "إنَّ اللهَ قد أعطى كُلَّ ذي حَقٍّ حَقَّه"؛ فإنَّ اللهَ بَيَّنَ وحَدَّدَ لِكُلِّ وارِثٍ نَصيبَه مِنَ الميراثِ "وليس لوارِثٍ وَصيَّةٌ"؛ فلا يَجوزُ أن يُوصيَ أحَدٌ بجُزءٍ مِنَ الميراثِ لِوارِثٍ له حَظٌّ ونَصيبٌ في الميراثِ؛ لِكَونِه أخَذَ حَقَّه المُستَحَقَّ له، فلا يَجوزُ أنْ يوصَى له، حتى لا يأخُذَ الزيادةَ على بقيَّةِ الوَرَثةِ، فتَحصُلَ الشَّحناءُ والبَغضاءُ بذلك. ثم قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "الوَلَدُ لِلفِراشِ"؛ فالمَولودُ يُنسَبُ لِصاحِبِ الفِراشِ، وهو الزَّوجُ، فيُنسَبُ إليه المَولودُ، "ولِلعاهِرِ الحَجَرُ"، أي: ولِلزَّاني والزانيةِ الرَّجمُ بالحَجَرِ، وقيلَ: المَقصودُ بالحَجَرِ الخَيبةُ والخُسرانُ، فنَفى أنْ يُلحَقَ في الإسلامِ وَلَدُ الزِّنا بالزَّاني، وكُلُّ وَلَدٍ يُولَدُ لِرَجُلٍ على فِراشِه فهو لاحِقٌ به. "ومَنِ ادَّعى إلى غَيرِ أبيه" بأنِ انتَسَبَ ظُلمًا وزُورًا إلى غَيرِ أبيه الذي هو مِن صُلبِه، "أوِ انتَمى إلى غَيرِ مَواليه" بأنْ أعطى وَلاءَه لِغَيرِ مَواليه، الذين أعتَقوه مِنَ الرِّقِّ، فقدِ استَحَقَّ تلك العُقوبةَ أيضًا؛ لِأنَّ لُحمةَ الوَلاءِ كلُحمةِ النَّسَبِ؛ فلا يَحِلُّ تَجاوُزُها؛ فإنَّ العِتقَ مِن حيث إنَّ له لُحمةً كلُحمةِ النَّسَبِ، فإذا نُسِبَ إلى غَيرِ مَن هو له، كان كالدَّعيِّ الذي تَبَرَّأ مِمَّن هو منه، وألحَقَ نَفْسَه بغَيرِه؛ "فعليه لَعنةُ اللهِ، والمَلائِكةِ، والناسِ أجمَعينَ" وهذا دُعاءٌ عليه بالطَّردِ والإبعادِ عنِ الرَّحمةِ؛ بسَبَبِ فِعلِه وجُرمِه، وهذا مُبالَغةٌ في شِدَّةِ اللَّعنِ، "قال عَفَّانُ: وزادَ فيه هَمَّامٌ بهذا الإسنادِ -ولم يَذكُرْ عَبدَ الرَّحمنِ بنَ غَنْمٍ-: وإنِّي لَتَحتَ جِرانِ راحِلَتِه. وزادَ فيه: لا يُقبَلُ منه عَدلٌ، ولا صَرفٌ" يَعني: فَريضةً أو نافِلةً، "وفي حَديثِ هَمَّامٍ أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَطَبَ، وقال: رَغبةً عنهم" وهذا كُلُّه تَعدُّدٌ في ألفاظِ الرِّواياتِ عِندَ رُواةِ الحَديثِ، تَختَلِفُ ألفاظُهم، والمَعنى واحِدٌ. وفي الحَديثِ: بَيانُ تَشديدِ الشَّرعِ في أمْرِ الأنسابِ، والاهتِمامِ بشأنِ المُحافَظةِ عليها.