الموسوعة الحديثية


- بينما عمرُ بنُ الخطابِ رضيَ اللهُ عنهُ يغتسل إلى بعيرٍ وأنا أسترُ عليه بثوبٍ إذ قال عمرُ بنُ الخطابِ يا يَعلى اصبُبْ على رأسي فقلتُ أميرَ المؤمنين أعلمُ فقال عمرُ رضيَ اللهُ عنهُ ما يزيد الماءُ الشعرَ إلا شَعَثًا فسمى اللهَ تعالى ثم أفاض على رأسِه
الراوي : يعلى بن أمية | المحدث : الألباني | المصدر : إرواء الغليل | الصفحة أو الرقم : 4/211 | خلاصة حكم المحدث : إسناده جيد | التخريج : أخرجه الشافعي في ((الأم)) (3/363)، والبيهقي (9400)، ومسدد كما في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (1/379) باختلاف يسير.
الحَجُّ أحدُ أركانِ الإسلامِ العِظامِ، وقد علَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أركانَه وكَيفيَّةَ الإحرامِ به، وبَيَّنَ ما يُسمَحُ لِلمُحرِمِ بفِعلِه، وما لا يُسمَحُ له به، وقد طَبَّقَ الصَّحابةُ الكِرامُ السُّنَّةَ وما فَهِموه منها في هذا الأمْرِ. وفي هذا الأثَرِ يَقولُ يَعلى بنُ أُميَّةَ رَضيَ الله عنه: "بَينَما عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه" وكان حِينَئِذٍ خَليفةً لِلمُسلِمينَ، "يَغتسِلُ إلى بَعيرٍ" يَغتسِلُ خَلفَ جَمَلٍ يُواريه عنِ الأعيُنِ، وكانَ غُسلُه رَضيَ اللهُ عنه بَعدَ إحرامِه بالحَجِّ، "وأنا أستُرُ عليه بثَوبٍ"، أي: أجعَلُه سِتارًا وحاجِزًا عنِ الناسِ "إذْ قالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ: يا يَعلى، اصْبُبْ على رأسي"، وهو أمرٌ بالصَّبِّ، ويَحتمِلُ أنْ يَكونَ استِفهامًا؛ لأنَّ يَعلَى قال في الجَوابِ: "فقلت: أميرُ المُؤمِنينَ أعلَمُ" ولو كان أمْرًا لم يَقُلْ له ذلك، أو يَجوزُ أنْ يَكونَ قال له هذا القَولَ على سَبيلِ الاستِظهارِ، وإقامةِ عُذرِ نَفْسِه عِندَه؛ فإنَّه لَمَّا استَغرَبَ أمْرَه إيَّاه بالصَّبِّ عليه، وحَصَلَ في نَفْسِه منه شَيءٌ، قال له: "أميرُ المُؤمِنينَ أعلَمُ"، أي: أكثَرُ عِلْمًا بأحكامِ الإحرامِ، وما يَحِلُّ فيه وما يَحرُمُ. وفي رِوايةِ المُوطَّأِ: "اصْبُبْ على رأسي، فقال يَعلى: أتُريدُ أنْ تَجعَلَها بي؟ إنْ أمَرتَني صَبَبتُ"، فكأنَّ يَعلى رَضيَ اللهُ عنه كان مُتردِّدًا في غَسلِ المُحرِمِ رأسَه؛ خَشيةَ الفِديةِ، وذلك كأنْ يُزيلَ الماءُ بَعضَ الشَّعرِ، أو يَقتُلَ شَيئًا مِن هَوامِّه، وقَولُه: (إنْ أمَرتَني صَبَبتُ) إنَّما هو استِجابةٌ لِأمرِكَ، وإلَّا لا أتوَلَّى هذا الأمْرَ الذي أنا شاكٌّ ومُتردِّدٌ فيه، فلا اجتِهادَ لي في ذلك، بل أفعَلُ استِجابةً لِأمرِكَ، ولولا أمرُكَ لَمَا فَعَلتُ، وصَبُّ يَعلى رَضيَ اللهُ عنه الماءَ على رأسِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنه إنَّما كان مِن وَراءِ السِّترِ، أو كان عُمَرُ رَضيَ اللهُ عنه في إزارِه. "فقالَ عُمَرُ رَضيَ اللهُ عنه: ما يَزيدُ الماءُ الشَّعرَ إلَّا شَعَثًا" والشَّعَثُ هو تَفرُّقُ الشَّعرِ وتَناثُرُه، ويَزدادُ تَفرُّقُ الشَّعرِ إذا غُسِلَ ثم تُرِكَ في الهَواءِ دونَ غِطاءِ رأسٍ، كحالِ المُحرِمِ بالحَجِّ أوِ العُمرةِ، وقد قال عُمَرُ ذلك لِأنَّه يَعلَمُ أنَّه لا يُسمَحُ لِلمُحرِمِ بَعدَ إحرامِه أنْ يُرجِّلَ شَعرَه أو يُلبِّدَه، "فسَمَّى اللهَ تَعالى، ثم أفاضَ على رأسِه" أسالَ الماءَ على رأسِه وغَسَلَ شَعرَه. وفي الحَديثِ: بيانُ مَشروعيَّةِ اغتِسالِ المُحرِمِ لِلتَّنظُّفِ والتَّبرُّدِ.