الموسوعة الحديثية


- سمِعتُ عَمَّارَ بنَ ياسِرٍ بصِفِّينَ باليَومِ الذي قُتِلَ فيه وهو يُنادي: أُزلِفَتِ الجَنَّةُ، وزُوِّجَتِ الحُورُ العِينُ، اليَومَ نَلْقى حَبيبَنا مُحمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. وفي رِوايةٍ: نَلْقى الأحِبَّةَ، مُحمدًا وحِزبَه، عَهِدَ إلَيَّ أنَّ آخِرَ زادِكَ مِنَ الدُّنيا ضَيحٌ مِن لَبَنٍ.
الراوي : عمار بن ياسر | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة | الصفحة أو الرقم : 7/662 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم
لِعَمَّارِ بنِ ياسِرٍ رَضيَ اللهُ عنه مَكانةٌ رَفيعةٌ ومَناقِبُ جَليلةٌ، وقد بَشَّرَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالشَّهادةِ على الحَقِّ. وفي هذا الحَديثِ يَقولُ التابِعيُّ إبراهيمُ بنُ عَبدِ الرَّحمنِ بنِ عَوفٍ: "سَمِعتُ عَمَّارَ بنَ ياسِرٍ بصِفِّينَ" وهي الوَقعةُ التي دارَتْ بَينَ الخَليفةِ علِيِّ بنِ أبي طالِبٍ رَضيَ اللهُ عنه ومَن معَه، وبَينَ مُعاويةَ بنِ أبي سُفيانَ رَضيَ اللهُ عنه ومَن معَه، وكانتْ سَنةَ سَبعٍ وثَلاثينَ مِنَ الهِجرةِ، وصِفِّينُ: أرضٌ تَقَعُ على نَهرِ الفُراتِ شَرقَ سُوريَّةَ، وكانَ عَمَّارٌ يُقاتِلُ بجانِبِ علِيِّ بنِ أبي طالِبٍ رَضيَ اللهُ عنه، وهو يَقولُ: "باليَومِ الذي قُتِلَ فيه" واستُشهِدَ في المَعرَكةِ: "أُزلِفَتِ الجَنَّةُ"، أي: قُرِّبتِ الجَنَّةُ لِلطَّائِعينَ "وزُوِّجتِ الحُورُ العِينُ" كأنَّه رأى الجَنَّةَ ونَعيمَها والحُورَ العِينَ فيها، وتزَوَّجَ بها؛ تَصديقًا بوَعدِ اللهِ ووَعدِ رَسولِه، ثم قال: "اليَومَ نَلقَى حَبيبَنا مُحمدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ" في الجَنَّةِ، وهذا مِن شِدَّةِ الثِّقةِ بأنَّه على الحَقِّ، وأنَّه يُصدِّقُ وَعدَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأنْ تَقتُلَه الفِئةُ الباغيةُ، وأنَّه سَيكونُ في الجَنَّةِ. وفي رِوايةٍ: " غدًا نَلْقَى الأحِبَّهْ ** مُحمدًا وحِزبَهْ"، والمُرادُ بهم: مَن سَبَقَه في المَوتِ مِن أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. ثُم قال عَمَّارٌ رضِيَ اللهُ عنه: "عَهِدَ إليَّ" يَقصِدُ بذلك إخبارَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ له: "أنَّ آخِرَ زادِكَ مِنَ الدُّنيا ضَيحٌ مِن لَبَنٍ" وهو القَليلُ مِنَ اللَّبَنِ، وكأنَّه يَستَشرِفُ نُبوءةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأنَّ آخِرَ ما يَشرَبُه في الدُّنيا ثم يَموتُ بَعدَه هو شَربةٌ مِنَ اللَّبَنِ، وكأنَّه أيضًا يَستَبشِرُ بالشَّهادةِ، وأنَّه مع الفِئةِ التي على الحَقِّ؛ لِأنَّه ماتَ وهو في صُفوفِها، كما قال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "تَقتُلُكَ الفِئةُ الباغيةُ"، وقد حَمَلَ على عَمَّارٍ ابنُ حُوَيٍّ السَّكسَكيُّ، وأبو الغاديةِ الفَزاريُّ، فأمَّا أبو الغاديةِ فطَعَنَه، وأمَّا ابنُ حُوَيٍّ فاحتَزَّ رأسَه، وقد تحَقَّقتْ بذلك نُبوءةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ووَقَعتْ مَنقَبةٌ لِعمَّارِ بنِ ياسِرٍ رَضيَ اللهُ عنه، ودَفَنَه عليٌّ رضِيَ اللهُ عنه في ثِيابِه، ولم يُغَسِّلْه، وهو ابنُ ثَلاثٍ وتِسعينَ سَنةً. وقيلَ: إحْدَى وتِسعينَ.