الموسوعة الحديثية


- عن يَعْلَى بنِ مُرَّةَ الثَّقَفِيِّ، قال : ثلاثةُ أشياءٍ رأيتُها من رسولِ اللهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - : بينا نحن نسيرُ معه ؛ إذ مَرَرْنا ببعيرٍ يُسْنَى عليه، فلما رآه البعيرُ جَرْجَرَ، فوضع جِرَانَهُ، فوقف عليه النبيُّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم -، فقال : أين صاحبُ هذا البعيرِ ؟، فجاءه، فقال : بعنِيه، فقال : بل نَهَبُهُ لك يا رسولَ اللهِ ! وإنه لأهلِ بيتٍ ما لهم معيشةٌ غيرُه، فقال : أَمَا إذ ذَكَرْتَ هذا من أمرِهِ ؛ فإنه شكا كثرةَ العملِ، وقِلَّةَ العَلَفِ، فأحسِنُوا إليه . ثم سَيَّرْنا حتى نَزَلْنا مَنْزِلًا، فنام النبيُّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم -، فجاءت شجرةٌ تَشُقُّ الأرضَ حتى غَشِيَتْهُ، ثم رجَعَتْ إلى مكانِها، فلما استيقظ رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - ذَكَرْتُ له، فقال : هي شجرةٌ استأْذَنَت ربَّها في أن تُسَلِّمَ على رسولِ اللهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم -، فأَذِن لها . قال : ثم سِرْنا فمَرَرْنا بماءٍ، فأَتَتْهُ امرأةٌ بابنٍ لها به جِنَّةٌ، فأخذ النبيُّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - بمَنْخَرِهِ، ثم قال : اخرجْ إنِّي مُحَمَّدٌ رسولُ اللهِ، ثم سِرْنا، فلما رجَعْنا مَرَرْنا بذلك الماءِ، فسألها عن الصَبِيِّ، فقالت : والذي بعثك بالحقِّ ؛ ما رَأَيْنا منه رَيْبًا بعدَكَ .
الراوي : يعلى بن مرة الثقفي | المحدث : الألباني | المصدر : هداية الرواة | الصفحة أو الرقم : 5865 | خلاصة حكم المحدث : جيد
أيَّدَ اللهُ سُبحانَه نَبيَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالمُعجِزاتِ الدالَّةِ على صِدقِ نُبوَّتِه، وأجْرى هذه المُعجِزاتِ أمامَ الصَّحابةِ؛ فازدادوا إيمانًا مع إيمانِهم. وفي هذا الحَديثِ يَقولُ يَعْلَى بنُ مُرَّةَ الثَّقَفيُّ رَضيَ اللهُ عنه: "ثَلاثةُ أشياءَ رأيتُها مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بَيْنا نحن نَسيرُ معه إذْ مَرَرْنا ببَعيرٍ يُسْنى عليه"، أي: يُحمَلُ عليه الماءُ ويُنقَلُ مِن مَنابِعِه إلى حيثُ يُنتفَعُ به في الشُّربِ وغَيرِه، "فلَمَّا رآه البَعيرُ جَرجَرَ، فوضَعَ جِرانَه" بمَعنى أنَّ الجَمَلَ أصدَرَ صَوتًا يَترَدَّدُ في حَلقِه، والجِرانُ: مُقَدَّمُ العُنُقِ، مِن مَذبَحِه إلى مَنحَرِه، "فوَقَفَ عليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: أين صاحِبُ هذا البَعيرِ؟ فجاءَه، فقال: بِعْنِيه" طَلَبَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شِراءَ هذا الجَمَلِ مِن مالِكِه، فقال الرَّجُلُ: "بل نَهَبُه لكَ يا رَسولَ اللهِ" نُعطيه لكَ هِبةً وهَديَّةً دونَ مُقابِلٍ أو ثَمَنٍ، "وإنَّه لِأهلِ بَيتٍ ما لهم مَعيشةٌ غَيرُه" الجَمَلُ مِلكٌ لِأُناسٍ فُقراءَ يَعيشونَ على أجْرِ عَمَلِه، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "أمَا إذْ ذَكرتَ هذا مِن أمْرِه"، أي: مِن أمْرِ الجَمَلِ، "فإنَّه شَكا كَثرةَ العَمَلِ، وقِلَّةَ العَلَفِ"؛ فإنَّكم تُكثِرونَ عليه في العَمَلِ وتُقلِّلونَ في طَعامِه وعَلَفِه، "فأحْسِنوا إليه" بإراحَتِه وإطعامِه ما يَكفيه، "ثم سِرْنا حتى نَزَلْنا مَنزِلًا" مَوضِعًا على طَريقِ السَّفَرِ؛ طَلَبًا لِلراحةِ، "فنامَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فجاءَتْ شَجَرةٌ" تَمْشي كيف شاءَ اللهُ لها أنْ تَتحرَّكَ، "تَشُقُّ الأرضَ حتى غَشِيَتْه" فرأتْ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ووَقَفتْ أمامَه، "ثم رَجَعتْ إلى مَكانِها" وهذه مُعجِزةٌ مِنَ اللهِ سُبحانَه لِنَبيِّه، قال يَعْلى رَضيَ اللهُ عنه: "فلَمَّا استَيقَظَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذَكرتُ له" ما حَدَثَ مِن أمْرِ الشَّجرةِ وتَحرُّكِها ومَشيِها وغِشْيَانِها له صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو نائِمٌ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "هي شَجَرةٌ استأذَنَتْ رَبَّها في أنْ تُسلِّمَ على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأذِنَ لها. قال: "ثم سِرْنا فمَرَرْنا بماءٍ" وهو بِئرٌ أو مَوضِعٌ لمُجتَمَعِ الماءِ، "فأتَتْه امرأةٌ بابْنٍ لها به جِنَّةٌ"، أي: صَرَعٌ وجُنونٌ، "فأخَذَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بمِنخَرِه" وهو أنْفُ الطِّفلِ، فأمسَكَ به النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "ثم قال" مُخاطِبًا المَرَضَ الذي يَمَسُّ الصَّبيَّ: "اخرُجْ؛ إنِّي مُحمدٌ رَسولُ اللهِ" فأمَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المَرَضَ أو الشَّيطانَ الذي فيه بالخُروجِ مِن جَسَدِ الوَلَدِ بإذْنِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ. قال: "ثم سِرْنا" أتَمُّوا مُهمَّتَهم ومَقصِدَهم مِن هذا السَّفَرِ، "فلَمَّا رَجَعْنا مَرَرْنا بذلك الماءِ" المَوضعِ الذي جاءَتْه فيه المَرأةُ بابنِها المَريضِ، "فسألَها عنِ الصَّبيِّ" عن حالِ صِحَّتِه، "فقالتْ: والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ ما رأيْنا منه رَيبًا بَعدَكَ" الرَّيبُ: الشَّكُّ، والمَقصودُ به هنا أمْرٌ يُخيفُ أو تُخشى عاقِبَتُه: والمُرادُ أنَّهم لم يَرَوْا منه شَيئًا مِنَ المَسِّ والمَرَضِ مَرَّةً أُخرى بَعدَ عِلاجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ له. وفي الحَديثِ: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُؤيَّدٌ بالمُعجِزاتِ. وفيه: رَحمةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ورِفقُه بالحَيَوانِ.