الموسوعة الحديثية


- لمَّا نَزَلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بحِصْنِ أهْلِ خَيبَرَ أعْطى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اللِّواءَ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ، ونَهَضَ معه مَن نَهَضَ مِنَ المُسلِمينَ، فلَقَوْا أهْلَ خَيبَرَ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لأُعطِيَنَّ اللِّواءَ غَدًا رَجُلًا يُحِبُّ اللهَ ورسولَه، ويُحِبُّه اللهُ ورسولُه، فلمَّا كان الغَدُ دَعا عَليًّا وهو أرمَدُ، فتَفَلَ في عَيْنِه وأعْطاهُ اللِّواءَ، ونَهَضَ النَّاسُ معه، فلَقِيَ أهْلَ خَيبَرَ، وإذا مَرحَبٌ يَرتَجِزُ بيْنَ أيَدَيهِم وهو يقولُ:  [البحر الرجز] قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ أَطْعَنُ أَحْيَانًا وَحِينًا أَضْرِبُ إِذَا اللُّيُوثُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ قال: فاختَلَفَ هو وعلِيٌّ ضَربَتَينِ، فضَرَبَه على هامَتِه حتى عَضَّ السَّيفُ منها بأضْراسِه، وسَمِعَ أهْلُ العَسكَرِ صَوتَ ضَربَتِه، قال: وما تَتامَّ آخِرُ النَّاسِ مع علِيٍّ حتى فُتِحَ له ولهم.
خلاصة حكم المحدث : صحيح
الراوي : بريدة بن الحصيب الأسلمي | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 23031
| التخريج : أخرجه النسائي في ((السنن الكبرى)) (8403)، وأحمد (23031) واللفظ له
التصنيف الموضوعي: جهاد - الرايات والألوية مغازي - غزوة خيبر إيمان - حب الرسول جهاد - الغارة من المسلمين على الكفار شعر - الحداء والرجز
|أصول الحديث
كانَ الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم يَعرِفونَ مَنزلةَ علِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عِندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومِن أجْلِ ذلك كانوا يُجِلُّونَه ويَحتَرِمونَه ويُحِبُّونَه لِحُبِّ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ له. وفي هذا الحَديثِ يَحكي بُرَيدةُ الأسلَميُّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه: "لَمَّا نَزَلَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بحِصنِ أهلِ خَيبَرَ" وكانَ يَسكُنُها اليَهودُ، وكانَ ذلك في السَّنةِ السَّادِسةِ مِنَ الهِجرةِ، وخَيبَرُ مَدينةٌ كَبيرةٌ ذاتُ حُصونٍ ومَزارِعَ على مَسافةِ 165 ميلًا مِنَ المَدينةِ إلى جِهةِ الشَّامِ، "أعطى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اللِّواءَ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ"؛ لِيَكونَ قائِدًا لِلمُهاجِمينَ "ونَهَضَ معه مَن نَهَضَ مِنَ المُسلِمينَ" ذَهَبوا معه لِلقِتالِ، "فلَقُوا أهلَ خَيبَرَ" ولكِنَّهم لم يَفتَحوا حِصنَ خَيبَرَ ورَجَعوا، "فقالَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لَأُعطِيَنَّ اللِّواءَ غَدًا رَجُلًا يُحِبُّ اللهَ ورَسولَه، ويُحِبُّه اللهُ ورَسولُه" واللِّواءُ هو عَلَمُ الجَيشِ الذي يُحمَلُ في الحُروبِ، والمَقصودُ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَوفَ يُعطي الرَّايةَ لِرَجُلٍ يُحِبُّ اللهَ ويُحِبُّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكذلك يُحِبُّ اللهُ هذا الرَّجُلَ ويُحِبُّه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهذه شَهادةٌ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَرْجوها كُلُّ مُسلِمٍ، "فلَمَّا كانَ الغَدُ" صَباحُ اليَومِ التالي، "دَعا علِيًّا" أرسَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِعلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ رَضيَ اللهُ عنه، "وهو أرمَدُ" فأتى علِيٌّ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وعَينُه مَريضةٌ وبها رَمَدٌ "فتَفَلَ في عَينِه"، فوَضَعَ ريقَه في عَينَيْ علِيٍّ، فشَفاه اللهُ عَزَّ وجَلَّ، وتلك مِن مُعجِزاتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ حيث شُفيَ علِيٌّ ببَرَكةِ ريقِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "وأعطاه اللِّواءَ" أعطى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَلَمَ الجَيشِ لِعلِيٍّ، "ونَهَضَ الناسُ معه" قامَ المُسلِمونَ مع علِيٍّ رَضيَ اللهُ عنه لِيَغزُوَ خَيبَرَ، "فلَقيَ أهلَ خَيبَرَ، وإذا مَرحَبٌ" وكانَ مِن فُرسانِ خَيبَرَ، "يَرتَجِزُ بَينَ أيديهم" يُنشِدُ الشِّعرَ "وهو يَقولُ: قد عَلِمَتْ خَيبَرُ أنِّي مَرحَبُ، شاكي السِّلاحِ"، أي: قَويُّ السِّلاحِ "بَطَلٌ مُجَرَّبُ" مُجَرَّبٌ بالشَّجاعةِ وقَهرِ الفُرسانِ، "أطعُنُ أحيانًا وحينًا أضرِبُ" إذا اللُّيوثُ أقبَلَتْ تَلَهَّبُ" يَعني تَلتَهِبُ وتَشتَعِلُ نارُها "قالَ: فاختَلَفَ هو وعلِيٌّ ضَربَتَيْنِ" فضَرَبَ كُلُّ واحِدٍ منهما صاحِبَه ضَربةً "فضَرَبَه" علِيٌّ رَضيَ اللهُ عنه "على هامَتِه" فَوقَ رَأْسِه "حتى عَضَّ السَّيفَ منها بأضْراسِه" والمَعنى أنَّ الضَّربةَ نَفَذتْ مِن رأسِه حتى وَصَلتْ إلى أسنانِه وعَضَّ مَرحَبٌ على السَّيفِ بأسنانِه "وسَمِعَ أهلُ العَسكَرِ صَوتَ ضَربَتِه" مِن قُوَّتِها وشِدَّتِها، "وما تَتامَّ آخِرُ الناسِ مع علِيٍّ" ما تَمَّ اجتِماعُ العَسكَرِ معه، "حتى فُتِحَ له ولهم"، فَتَحوا بَعضَ حُصونِ خَيبَرَ، وكانَتْ بدايةَ النَّصرِ. وفي الحَديثِ: بَيانُ ما كانَ عليه أصحابُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ من إيثارِ الآخِرةِ على الدُّنيا، والشَّهادةِ في سَبيلِ اللهِ على الحياةِ. وفيه: الثَّناءُ على الشُّجعانِ وسائِرِ أهلِ الفَضائِلِ، وهذا كُلُّه في حَقِّ مَن يَأمَنُ الفِتنةَ عليه بإعجابٍ ونَحوِه. وفيه: فَضلٌ ومَنقَبةٌ لِعلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ رَضيَ اللهُ عنه.
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها