الموسوعة الحديثية


- سَعيدُ بنُ جُمهانَ قال: كُنَّا نُقاتِلُ الخَوارِجَ وفينا عَبدُ اللهِ بنُ أبي أوْفى، وقد لَحِقَ غُلامٌ له بِالخَوارِجِ، وهم مِن ذلك الشَّطِّ، ونحن مِن ذا الشَّطِّ، فنادَيناهُ: أبا فَيروزَ، أبا فَيروزَ، وَيحَكَ، هذا مَولاكَ عَبدُ اللهِ بنُ أبي أوْفى؟ قال: نِعْمَ الرَّجُلُ هو لو هاجَرَ! قال: ما يَقولُ عَدُوُّ اللهِ. قال: قُلنا: يَقولُ: نِعْمَ الرَّجُلُ لو هاجَرَ! قال: فقال: أهِجرةٌ بَعدَ هِجرَتي مع رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ ثم قال: سمِعْتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقولُ: طُوبى لِمَن قتَلَهم وقَتَلوهُ.
خلاصة حكم المحدث : صحيح
الراوي : عبدالله بن أبي أوفى | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 19149
| التخريج : أخرجه أحمد (19149) واللفظ له، وابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (5582)، وابن أبي عاصم في ((السنة)) (906)
التصنيف الموضوعي: مناقب وفضائل - فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اعتصام بالسنة - الخوارج والمارقين حدود - قتل الخوارج وأهل البغي فتن - قتال أهل البغي
|أصول الحديث
حَذَّرَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِنَ البِدَعِ والغُلوِّ في الدِّينِ؛ لِأنَّ ذلك يُؤدِّي إلى إفسادِ المُجتَمَعاتِ، ورُبَّما أدَّى التَّشدُّدُ مع عَدَمِ الفِقهِ في الدِّينِ إلى تَبديعِ المُجتَمَعاتِ المُسلِمةِ وتَكفيرِها، والخُروجِ على الحُكَّامِ بغَيرِ وَجْهِ حَقٍّ. وفي هذا الحَديثِ يَروي التَّابِعيُّ سَعيدُ بنُ جُمْهانَ: "كُنَّا نُقاتِلُ الخَوارِجَ" الذين خَرَجوا على الخَليفةِ علِيِّ بنِ أبي طالِبٍ رَضيَ اللهُ عنه في أيَّامِ الفِنتةِ الكُبرى بَعدَ مَقتَلِ الخَليفةِ عُثمانَ بنِ عَفَّانَ رَضيَ اللهُ عنه، وكانَ مِن صِفاتِهمُ التَّشدُّدُ في الدِّينِ، حتى إنَّهم كَفَّروا صَحابةَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "وفينا عَبدُ اللهِ بنُ أبي أوْفى" وهو مِن صَحابةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "وقد لَحِقَ غُلامٌ له بالخَوارِجِ" والغُلامُ هو الخادِمُ أوِ المَملوكُ، والمُرادُ أنَّ عَبدًا لِعَبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنه فَرَّ منه وانضَمَّ إلى هؤلاء الخَوارِجِ، "وهم مِن ذلك الشَّطِّ، ونحن مِن ذا الشَّطِّ" فكُلُّ فَريقٍ يَقِفُ في جانِبٍ مواجِهٍ لِلآخَرِ، "فنادَيْناه: أبا فَيروزَ، أبا فَيروزَ" يُنادونَ الغُلامَ بكُنيَتِه، "وَيْحَكَ" وهي كَلِمةٌ لِلتَّفجُّعِ والتَّخويفِ مِن سُوءِ العاقِبةِ، "هذا مَولاكَ عَبدُ اللهِ بنُ أبي أوْفى. قالَ: نِعْمَ الرَّجُلُ هو لو هاجَرَ!" أي: لو هاجَرَ إلى مُعَسكَرِ الخَوارِجِ، أو هاجَرَ إليهم تارِكًا علِيًّا رَضيَ اللهُ عنه ومَن معه، قالَ عَبدُ اللهِ بنُ أبي أوْفى مُتَسائِلًا: "ما يَقولُ عَدوُّ اللهِ؟" فجَعَلَ الخارِجيَّ عَدوًّا للهِ؛ لِأنَّه خَرَجَ عن أمْرِ اللهِ وطاعةِ أولياءِ الأُمورِ بعَدَمِ مُنازَعَتِهم في شَأنِ الحُكمِ، "قُلْنا: يَقولُ: نِعْمَ الرَّجُلُ لو هاجَرَ! قال: فقالَ: أهِجرةٌ بَعدَ هِجرَتي مع رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟" والمُرادُ أنَّ الهِجرةَ مع رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هي الهِجرةُ المُطلَقةُ الخالِصةُ للهِ، وليس بَعدَها هِجرةٌ أُخرى، وإنَّما هو جِهادٌ ونيَّةٌ صالِحةٌ لِلعَبدِ، "ثم قالَ: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقولُ: طُوبَى لِمَن قَتَلَهم وقَتَلوه"، أي: الجَنَّةُ أو شجرةٌ فيها لِمَن حارَبَهم فقَتَلَهم، أو قَتَلوه؛ وذلك لأنَّهم يَدْعونَ إلى كِتابِ اللهِ وليسوا منه في شَيءٍ، مَن قاتَلَهم كانَ أوْلى باللهِ منهم، فهم لم يَفهَموا حَقيقةَ ما يَدعونَ إليه مِنَ القُرآنِ، ولو عَلِموا لَمَا خَرَجوا على صَحابةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وعلى الخَليفةِ. وفي الحَديثِ: انقِطاعُ الهِجرةِ بَعدَ هِجرةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. وفيه: بَيانُ ضَرورةِ مُحارَبةِ الخَوارِجِ حتى يَعودوا لِرُشدِهم.
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها