الموسوعة الحديثية


- لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى تُقاتِلوا خُوزًا وكِرْمانَ قومًا مِن الأعاجِمِ حُمْرَ الوجوهِ فُطْسَ الأنوفِ صِغارَ الأعيُنِ كأنَّ وجوهَهم المَجَانُّ المُطرَقَةُ
الراوي : أبو هريرة | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان | الصفحة أو الرقم : 6743 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه البخاري (3590) باختلاف يسير، ومسلم (2912) بنحوه
لقد بَيَّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِأُمَّتِه عَلاماتِ اقتِرابِ السَّاعةِ؛ حتى يَحتاطوا ويُعِدُّوا لها العُدَّةَ، ويُعْلِموا مَن بَعدَهم مِنَ المُسلِمينَ، وهذه العَلاماتُ منها عَلاماتٌ كُبرى، ومنها عَلاماتٌ صُغرى، ومنها ما وَقَعَ وانطَبَقَ عليه ما ذَكَرَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن أوصافٍ، ومنها ما لم يَقَعْ بَعدُ. وفي هذا الحَديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "لا تَقومُ السَّاعةُ حتى تُقاتِلوا خُوزًا وَكَرْمانَ" وهما مِن بِلادِ إيرانَ الآنَ، وخُوزٌ هي بِلادُ الأهوازِ وتُسْتَرَ، وَ(كَرْمانُ) هي بَينَ خُراسانَ وبَحرِ الهِندِ وبَينَ عِراقِ العَجَمِ وسِجِسْتانَ "قَومًا مِنَ الأعاجِمِ حُمْرَ الوُجوهِ، فُطْسَ الأُنوفِ" وهو جَمْعُ أفطَسَ، مِنَ الفَطْسِ، وهو تَطامُنُ قَصَبةِ الأنْفِ وانتِشارُها. "صِغارَ الأعيُنِ" عُيونُهم ضَيِّقةٌ وصَغيرةٌ، مُقارَنةً بغَيرِهم "كَأنَّ وُجوهَهمُ المَجانُّ المُطرَقةُ" والمَجانُّ هي التُّروسُ مِنَ الجِلدِ التي تُستَخدَمُ في اتِّقاءِ ضَرَباتِ السَّيفِ في الحَربِ، والمُطرَقةُ: الغَليظةُ التي رُكِّبتْ طَبقةً فَوقَ أُخرى، والمُرادُ: أنَّ وُجوهَهم غَليظةٌ مُستَديرةٌ كَثيرةُ اللَّحمِ. وإنْ كانَ أهلُ هذَيْنِ الإقليمَيْنِ ليسوا على هذه الصِّفةِ، فإمَّا أنَّ بَعضَهم كانوا بهذه الأوصافِ في ذلك الوَقتِ، أو سَيَصيرونَ كذلك فيما بَعدُ، وإمَّا أنَّهم بالنِّسبةِ إلى العَرَبِ كالتَّوابِعِ لِلتُّركِ في صِفَتِهم، وقيلَ: إنَّ بِلادَهم فيها مَوضِعٌ اسمُه كَرْمانُ، وقيلَ: ذلك لِأنَّهم مُتوَجِّهونَ مِن هاتَيْنِ الجِهتَيْنِ، وقيلَ: لَعَلَّ المُرادَ بهما صِنفانِ مِنَ التُّركِ، كانَ أحَدُ أُصولِ أحَدِهما مِن خُوزٍ، وأحَدُ أُصولِ الآخَرِ مِن كَرْمانَ، فسَمَّاهمُ الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ باسمِه، وإنْ لم يُشتَهَرْ ذلك عِندَنا، كما نَسَبَهم إلى قَنطوراءَ، وهي أُمَّةٌ كانَتْ لِإبراهيمَ عليه السَّلامُ. وقيلَ: لَعَلَّ المُرادَ بالمَوعودِ في الحَديثِ ما وَقَعَ في هذا العَصرِ بَينَ المُسلِمينَ والتُّركِ. ولَرُبَّما انطَبَقتِ الأوصافُ على التَّتارِ والمَغولِ، وهم قد حارَبوا أهلَ الإسلامِ وقَضَوْا على الأخضَرِ واليابِسِ في بُلدانٍ كَثيرةٍ، وأشاعوا الرُّعبَ والخَوفَ بَينَ الناسِ، كَأنَّهم يأجوجُ ومأجوجُ، وقد دَخَلوا بَعدَ ذلك في الإسلامِ.