الموسوعة الحديثية


- أنَّ عَمْرَو بنَ حَزْمٍ دُعِيَ لِامرأةٍ بالمَدينةِ لَدَغَتْها حَيَّةٌ لِيَرْقيَها، فأبى، فأُخبِرَ بذلك رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم فدَعاه، فقال عَمْرٌو: يا رسولَ اللهِ، إنَّكَ تَزجُرُ عن الرُّقى، فقال: اقْرِأْها عليَّ، فقَرأها عليه، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: لا بَأسَ، إنَّما هي مَواثيقُ فارْقِ بها.
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 15235 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه أحمد (15235)، والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (719) واللفظ لهما، وابن وهب في ((الجامع)) (701) باختلاف يسير
كانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَريصًا على بِناءِ العَقيدةِ الصَّافيةِ في قُلوبِ المُؤمِنينَ، وتَخليصِها مِن آثارِ الجاهليَّةِ السَّيِّئةِ، ومِن ذلك بناءُ عَقيدةِ التَّوكُّلِ على اللهِ، وعَدَمُ اعتِقادِ أنَّ النَّفعَ والضُّرَّ يُمكِنُ أنْ يأتيَ مِن غَيرِه، فكُلُّ شَيءٍ في الكَونِ مِن قَدَرِ اللهِ. وفي هذا الحَديثِ يَروي جابِرُ بنُ عَبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما: "أنَّ عَمرَو بنَ حَزمٍ دُعيَ لِامرأةٍ بالمَدينةِ لَدَغتْها حَيَّةٌ" وهي نَوعٌ مِنَ الثَّعابينِ السَّامَّةِ، "لِيَرقيَها"، والرُّقيةُ هي الكَلِماتُ التي يُرقى بها المَريضُ مِن أجْلِ الشِّفاءِ، "فأبى" رَفَضَ رُقيَتَها؛ لِمَا عَرَفَه مِن أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قد نَهى عنِ الرُّقى، ففَهِمَ منه عُمومَ النَّهيِ عن كُلِّ الرُّقى، "فأُخبِرَ بذلك رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ" بَلَغَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ عَمرَو بنَ حَزمٍ رَفَضَ أنْ يُرقيَ المَرأةَ، "فدعاه" أرسَلَ له لِيأتيَه، فقالَ عَمرٌو رَضيَ اللهُ عنه: "يا رَسولَ اللهِ، إنَّكَ تَزجُرُ عنِ الرُّقى"، تَنهى عنها "فقالَ: اقرَأْها علَيَّ"، وإنَّما طَلَبَ منه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَقرَأها عليه؛ خَشيةَ أنْ يَكونَ فيها شَيءٌ مِن شِركِ الجاهليَّةِ، "فقَرأها عليه"، عَرَضَها على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ لِيُبيِّنَ له منها ما يَصِحُّ وما يَحرُمُ، فلَمَّا لم يَجِدْ بها شَيئًا مِمَّا يَنهى عنه كالشِّركيَّاتِ ونَحوِها، قالَ: "لا بَأْسَ، إنَّما هي مَواثيقُ، فارْقِ بها" والمَواثيقُ هي العُهودُ والدَّعواتُ التي يَقولُها الرَّاقي على المَريضِ؛ لِيُعيذَه اللهُ مِنَ الشُّرورِ بأنواعِها، ويَكونُ فيها نَفعٌ لِلناسِ، والمُرادُ بها هنا: الرُّقيةُ الشَّرعيَّةُ، وهي التي تَشتَمِلُ على الأذكارِ مِنَ القُرآنِ والأدعيةِ والمُعَوِّذاتِ الثَّابتةِ في السُّنَّةِ، وفي رِوايةٍ عِندَ مُسلِمٍ، قالَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "مَنِ استَطاعَ منكم أنْ يَنفَعَ أخاه فلْيَفعَلْ" فجَعَلَ الرُّقيةَ مِن بابِ المَنفَعةِ، ومِن أسبابِ التَّداوي التي يَلجَأُ إليها الإنسانُ؛ طَلَبًا لِلشِّفاءِ. وفي الحَديثِ: بَيانُ التَّداوي بالرُّقى الشَّرعيَّةِ.